اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (١٧٥) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) (١٧٦)
____________________________________
التفسير : من الذين يأكلون السحت ويملئون بطونهم بالحرام ، أولئك الذين عندهم علم الكتاب من أهل الكتاب ، ثم يكتمون علمهم هذا ، ولا يؤدون الشهادة على وجهها إذا دعوا ليدلوا بما عندهم من علم ، فى أمر ما ، بل يحرّفون ويبدلون ، لقاء الاحتفاظ برياسة دينية لهم على الناس ، أو انتصارا للمشركين على المؤمنين فى مقابل ثمن معلوم.
فهؤلاء إنما يأكلون فى بطونهم النّار فى هذه الحياة الدنيا ، لأن هذا الطعام الذي يأكلونه إنما هو مما باعوا به دينهم ، وبهذا صاروا أهلا للنّار ، وقد أعدت أجسامهم التي نمت من هذا الطعام الحرام لتكون وقودا لتلك النار!
وفى قوله تعالى : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) صوت يتردد من خارج النار التي تلتهم أولئك الذين مكروا بما أنزل الله ، فاشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة ، إنه صوت أولئك الذين نجاهم الله من هذا البلاء ، يعبّرون به ـ فى دهشة واستغراب ـ عن صبر هؤلاء الأشقياء الذين تأكلهم النار وهم يتقلبون على جمرها .. إن كل من يطلع عليهم لا يملك إلا أن يستهول هذا الهول الذي هم فيه ، ويتعجب من احتمالهم له ، وصبرهم عليه!
واستحضار هذه الصورة فى الدنيا ، فيه تنفير من هذا الموقف الأليم ، وتحذير من هذا المصير المشئوم!
والإشارة فى قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ) واردة على هذا المصير البغيض ، الذي صار إليه أولئك الذين كتموا ما أنزل الله من