شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (١٢٣)
____________________________________
التفسير : وهذا تذكير لبنى إسرائيل بالنعم التي ساقها الله إليهم ، وأنه على قدر هذه النعم سيكون البلاء ، ويكون الحساب ، وقد مكر القوم بآيات الله ، وكفروا بنعمته ، فهم فى معرض النقمة ، إن لم يرعوا حقّ الله فيما آتاهم من فضله.
وفى قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (١٢٣)
وفى قوله سبحانه فى آية سابقة : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ).
(٤٨ : البقرة)
فى هاتين الآيتين نظر ، حيث اختلف نظمهما على حين كان ينتظر ـ فى ظاهر الأمر ـ أن يجيئا على نسق واحد!
ولكن للنظم القرآنى ، ولإعجاز هذا النظم ـ جاء هذا الاختلاف ، تقريرا للواقع ، ومراعاة لمقتضى الحال ، وتحقيقا للإعجاز الذي هو أمر لا انفكاك له ، فى كل آية من آيات الكتاب الكريم ، بل وفى كل كلمة من كلماته ، وحرف من حروفه.
ففى الآية (٤٨) يتوجه الخطاب إلى أصحاب الرّيب والشناعات من بنى إسرائيل ، الذين يلبسون الحق بالباطل ، ويكتمون الحق وهم يعلمون ، والذين يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم ، فكان من مقتضى الحال أن يحذروا من هذا اليوم الذي يعرضون فيه على الحساب ، حيث لا تجزى نفس عن نفس شيئا ، وحيث يتلفت المفلسون فى هذا اليوم إلى من يجيرهم ، ويمدّون أبصارهم إلى