الثوري : يأبا عمرو حدثنا حديثك) (١) مع عبد الله بن علي ، قال : نعم ، لما قدم الشام وقتل بني أمية فجلس يوما على سريره ودعا أصحابه أربعة أصناف : معهم السيوف مسلّلة صنف ، ومعهم الخرزة صنف ، ومعهم الأعمدة صنف ، ومعهم الكافر كوب (٢) صنف ، ثم بعث إليّ فلما صرت بالباب أنزلوني عن دابّتي ، وأخذ اثنان بعضدي ، ثم أدخلوني بين الصفوف حتى أقاموني مقاما يسمع كلامي ، فسلّمت ، فقال لي : أنت عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي؟ قلت : نعم أصلح الله أمير المؤمنين ، قال : ما تقول في دماء بني أمية؟ فسألني مسألة رجل يريد أن يقتل رجلا ، فقلت : قد كانت بينك وبينهم عهود ، فقال : ويحك اجعلني وإياهم لا عهد بيننا ، ما تقول في دمائهم؟ فأجهشت نفسي وكرهت القتل ، فذكرت مقامي بين يدي الله فلفظتها فقلت : دماؤهم عليك حرام ، فغضب وانتفخت عيناه وأوداجه وقال : ويحك ولم ذاك؟ قلت : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : ثيّب زان ، ونفس بنفس ، وتارك لدينه) قال : ويحك أوليس الأمر لنا ديانة؟ قلت : وكيف ذاك؟ قال : أليس كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم أوصى إلى علي؟ قلت : لو أوصى إليه لما حكّم الحكمين ، فسكت وقد اجتمع غضبا ، فجعلت أتوقّع رأسي يقع بين يدي ، فقال بيده هكذا : أومأ أن أخرجوه ، فخرجت فركبت وسرت غير بعيد فإذا فارس فنزلت وقلت : قد بعث ليأخذ رأسي ، أصلّي ركعتين ، فكبّرت فجاء وأنا قائم أصلي فسلّم وقال : إن الأمير قد بعث إليك بهذه الدنانير ، قال : ففرّقتها قبل أن أدخل منزلي.
وقال يعقوب بن شيبة : ثنا أبو عبد الملك بن الفارس نا عبد الرحمن بن
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل ، فاستدركته من (محاسن المساعي) وغيره.
(٢) الكافر كوب : المقرعة.