كيف حديثه؟ قال : أرجو أنه ليس بكذب إنما يحدث يحدّث واحد.
قلت : يعني حديث آدم بن أبي إياس وعاصم بن علي عن قيس عن ابن أبي ليلى عن داود بن علي عن أبيه عن ابن عباس ، الحديث الطويل في الدعاء. تفرّد به ابن أبي ليلى عنه وليس بذاك ، وقيس وهو ضعيف لكنهما لا يحتملان هذا المتن المنكر فالله أعلم. وفي الخلفاء وآبائهم وأهلهم قوم أعرض أهل الجرح والتعديل عن كشف حالهم خوفا من السيف والضرب ، وما زال هذا في كل دولة قائمة يصف المؤرّخ محاسنها ويغضي عن مساوئها ، هذا إذا كان المحدّث ذا دين وخير فإن كان مدّاحا مداهنا لم يلتفت إلى الورع بل ربما أخرج مساوئ الكبير وهناته في هيئة المدح والمكارم والعظمة فلا قوة إلا بالله. وكان داود هذا من جبابرة الأمراء له هيبة ورواء وعنده أدب وفصاحة ، وقيل كان قدريا.
قال أبو قلابة الرقاشيّ : عن جارود بن أبي الجارود السلمي حدثني محمد ابن أبي رزين الخزاعي سمعت داود بن علي حين بويع ابن أخيه السفاح فأسند داود ظهره إلى الكعبة فقال : شكرا شكرا إنّا والله ما خرجنا لنحتفر نهرا ولا لنبني قصرا أظنّ عدو الله أن لن نقدر عليه أمهل له في طغيانه وأرخى له في زمامه حتى عثر في فضل خطامه والآن أخذ القوس باريها وعاد الملك الى نصابه في أهل بيت نبيّكم أهل الرأفة والرحمة والله إن كنا لنسهر لكم ونحن على فرشنا أمن الأسود والأبيض ذمّة الله ورسوله وذمّة العباس ، ها وربّ هذه البنيّة لا نهيج أحدا. ثم نزل.
قال خليفة : أقام داود الحج سنة اثنتين وثلاثين ومائة (١) ثم مات سنة ثلاث في ربيع الأول (٢).
__________________
(١) تاريخ خليفة ٤٠٤.
(٢) خليفة ٤١٠.