ابن سليمان ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلىاللهعليهوسلم كلما أشرفنا على واد. هللنا وسبحنا ، وارتفعت أصواتنا ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم ، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنه معكم سميع قريب. رواه البخاري في الصحيح (١) ، عن محمد ابن يوسف الفريابي ، وأخرجاه من أوجه أخر. ورواه خالد الحذاء ، عن أبي عثمان ، وزاد فيه : إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته (٢).
قال الحليمي : ومعناه أنه لا مسافة بين العبد وبينه ، فلا يسمع دعاءه أو يخفى عليه حاله ، كيف ما تصرفت به ، فإن ذلك يوجب أن يكون له نهاية ، وحاشا له من النهاية.
وقال الخطابي : معناه أنه قريب بعلمه من خلقه ، قريب ممن يدعوه بالإجابة ، كقوله : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) (٣).
ومنها : (المحيط): قال الله (عزوجل) : (أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) (٤). ورويناه في خبر عبد العزيز بن الحصين.
قال الحليمي : ومعناه أنه الذي لا يقدر على الفرار منه. وهذه الصفة ليست حقا إلّا لله (جل ثناؤه) وهي راجعة إلى كمال العلم والقدرة ، وانتفاء الغفلة ، والعجز عنه.
قال أبو سليمان : هو الذي أحاطت قدرته بجميع خلقه ، وهو الذي (أَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) (٥).
__________________
(١) رواية الإمام البخاري في كتاب التوحيد ٩ باب وكان الله سميعا بصيرا ٧٣٨٦ عن أيوب عن أبي عثمان عن أبي موسى قال كنا مع النبي صلىاللهعليهوسلم. وذكره.
(٢) رواه أبو داود في كتاب الوتر ٢٦ وأحمد بن حنبل في المسند ٤ : ٣٩٤ ، ٤٠٢ ، ٤١٨ (حلبي).
(٣) سورة البقرة آية ١٨٦.
(٤) سورة فصلت آية ٥٤.
(٥) سورة الجن آية رقم ٢٨. وقد جاءت الآية محرفة في المطبوعة حيث قال : (بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) وهذه سورة الطلاق ، الآية الاخيرة.