«سبحان الملك القدوس» (١) (ثلاث مرات) ، ثم تلا هذه الآيات من آخر سورة آل عمران حتى ختمها (٢). وذكر الحديث.
قال الحليمي : ومعناه الممدوح بالفضائل والمحاسن ، فالتقديس مضمن في صريح التسبيح. والتسبيح مضمن في صريح التقديس ، لأن نفي المذام إثبات للمدائح ، كقولنا : «لا شريك له ولا شبيه» ، إثبات أنه واحد أحد. وكقولنا : «لا يعجزه شيء» ، إثبات أنه قادر قوي. وكقولنا : «إنه لا يظلم أحدا» ، إثبات أنه عدل في حكمه. وإثبات المدائح له نفي للمذام عنه ، كقولنا : «إنه عالم» ، نفي للجهل عنه ، وكقولنا : «إنه قادر». نفي للعجز عنه ، إلا أن قولنا : هو كذا ظاهره التقديس. وقولنا : ليس بكذا ظاهره التسبيح. ثم التسبيح موجود في ضمن التقديس ، والتقديس موجود في ضمن التسبيح. وقد جمع الله (تبارك وتعالى) بينهما في سورة الإخلاص ، فقال (عز اسمه) : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ* اللهُ الصَّمَدُ) (٣). فهذا تقديس ، ثم قال : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) (٤). فهذا تسبيح. والأمران راجعان إلى إفراده وتوحيده ، ونفي الشريك والتشبيه عنه.
أخبرنا أبو عبد الله ، الحافظ ، أخبرني أبو أحمد الحافظ ، أنا عبد الله بن سليمان ، عن الأشعث ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن سعيد بن أبي هلال ، قال : إن أبا الرجال ، محمد بن عبد الرحمن حدثه عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن ، وكانت في حجر عائشة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن النبي صلىاللهعليهوسلم بعث رجلا على سرية ، وكان لا يقرأ بأصحابه في صلاتهم ـ تعني ـ يختم ـ إلا ب (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ). فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله
__________________
(١) الحديث أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة ١٤٣٠ بسنده عن أبي بن كعب ـ رضي الله عنه ـ قال : كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم يقول وذكره. والنسائي في قيام الليل ٣٧ ، ٤٧ ، ٤٨ ، ٥٠ ، ٥٤ وأحمد بن حنبل في المسند ٣ : ٤٠٦ ، ٤٠٧ (حلبي).
(٢) من أول قوله تعالى (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ) سورة آل عمران آية ١٩٨.
(٣) سورة الإخلاص آية ١ ـ ٢.
(٤) سورة الإخلاص آية ٣ ـ ٤.