«العزيز» فإنما يراد به الاعتراف له بالقدم الذي لا يتهيأ معه تغيره عما لم يزل عليه من القدرة والقوة. وذلك عائد إلى تنزيهه عما يجوز على المصنوعين لاعراضهم بالحدوث في أنفسهم للحوادث أن تصيبهم وتغيرهم.
قال أبو سليمان رحمهالله : العزيز هو المنيع الذي لا يغلب (١). والعز قد يكون بمعنى الغلبة. يقال منه عز يعز ـ بضم العين من يعز (٢) ـ وقد يكون بمعنى الشدة والقوة. يقال منه عز يعز ـ بفتح العين ـ. وقد يكون بمعنى نفاسة القدر. يقال منه : عز الشيء يعز ـ بكسر العين ـ فيتناول معنى العزيز على هذا أنه لا يعاد له شيء ، وأنه لا مثل له. والله أعلم.
أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أنا أبو الحسن ، محمد بن عبد الله بن عبدة ، حدثنا أبو عبد الله ، محمد بن إبراهيم البوشنجي ، حدثنا أبو نصر التمار ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن إسحاق بن عبد الله ، عن عبيد الله بن مقسم ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم على منبره : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٣).
فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : هكذا يمجد نفسه : أنا العزيز ، أنا الجبار ، أنا المتكبر. فرجف به صلىاللهعليهوسلم المنبر حتى قلنا : لتخزن به الأرض.
ومنها (المتعالي): قال الله (عزوجل) : (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) (٤). ورويناه في خبر الأسامي.
قال الحليمي : ومعناه : المرتفع عن أن يجوز عليه ما يجوز على المحدثين من الأزواج والأولاد والجوارح والأعضاء ، واتخاذ السرير للجلوس عليه ، والاحتجاب بالستور عن أن تنفذ الأبصار إليه ، والانتقال من مكان إلى مكان ، ونحو ذلك. فإن إثبات بعض هذه الأشياء يوجب النهاية ، وبعضها
__________________
(١) قال تعالى : (أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) سورة النساء آية ١٣٩.
(٢) قال تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) سورة فاطر آية ١٠.
(٣) سورة الزمر آية ٦٧.
(٤) سورة الرعد آية ٩.