مختلفين ، ولذلك سمى آدم لأنه أخذ من أديم الأرض ، فصعد به قبل التراب حتى عاد طينا لاذبا. ـ اللاذب هو الذي يلزق بعضه ببعض ـ ثم ترك حتى أنتن فذلك حيث يقول : (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (١) قال : منتن. ثم قال للملائكة : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ* فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) (٢). فخلقه الله بيده لئلا يتكبر إبليس عنه ليقول : أتتكبر عما عملت بيدي ، ولم أتكبر أنا عنه ، فخلقه بشرا ، فكان جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم الجمعة فمرت به الملائكة ففزعوا منه لما رأوه ، وكان أشدهم فزعا منه إبليس ، يمر به فيضربه ، فيصوت الجسد كما يصوت الفخار تكون له صلصلة ، فذلك حين يقول : (مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ) (٣). ويقول : لأمر ما خلقت ، ودخل من فمه فخرج من دبره. فقال للملائكة : لا ترهبوا من هذا فإنه أجوف ، ولئن سلطت عليه لأهلكنه ، فلما بلغ الحين الذي أريد أن ينفخ فيه الروح ، قال للملائكة : إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له. فلما نفخ فيه الروح فدخل الروح في رأسه ، عطس. فقالت له الملائكة :
قل : الحمد لله. فقال : الحمد لله. فقال الله له : رحمك ربك. فلما دخل الروح في عينيه ، نظر إلى ثمار الجنة ، فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام ، فوثب قبل أن يبلغ الروح رجليه عجلان إلى ثمار الجنة ، فذلك حين يقول : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) (٤). (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ* إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) (٥) ... وذكر القصة. وبهذا الإسناد في قصة مريم وابنها قالوا : خرجت مريم إلى جانب المحراب لحيض أصابها. فلما طهرت إذا هي برجل معها ، وهو قوله عزوجل : (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) (٦). وهو جبريل عليهالسلام ، ففزعت منه وقالت :
__________________
(١) سورة الحجر آية ٢٦ ، ٢٨ ، ٣٣.
(٢) سورة ص الآيتان ٧١ ، ٧٢.
(٣) سورة الرحمن آية ١٤.
(٤) سورة الأنبياء آية ٣٧.
(٥) سورة الحجر ٣٠ ، ٣١.
(٦) سورة مريم آية ١٧.