روى معنى هذا عن
الحسن. ويؤيده قوله في الحديث : «وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقا» فاتفق
المعنيان أن كل واحدة من الجنة والنار تمد بزيادة عدد يستوفي بها عدة أهلها ،
فتمتلئ عند ذلك.
قال الشيخ أحمد :
وفيما كتب إلى أبو نصر من كتاب أبي الحسن بن مهدي الطبري حكاية عن النضر بن شميل
أن معنى قوله : «حتى يضع الجبار قدمه» أي من سبق في علمه أنه من أهل النار.
قال أبو سليمان :
قد تأول بعضهم الرجل على نحو هذا.
قال : والمراد به
استيفاء عدد الجماعة الذين استوجبوا دخول النار.
قال : والعرب تسمي
جماعة الجراد رجلا ، كما سموا جماعة الظباء سربا ، وجماعة النعام خيطا ، وجماعة
الحمير عانة.
قال : وهذا وإن
كان اسما خاصا لجماعة الجراد ، فقد يستعار لجماعة الناس على سبيل التشبيه. والكلام
المستعار والمنقول من موضعه كثير. والأمر فيه عند أهل اللغة مشهور.
قال أبو سليمان رحمهالله : وفيه وجه آخر ، وهو أن هذه الأسماء مثال يراد بها إثبات
معان لا حظ لظاهر الأسماء فيها من طريق الحقيقة. وإنما أريد بوضع الرجل عليها نوع
من الزجر لها والتسكين من غربها ، كما يقول القائل للشيء يريد محوه وإبطاله :
جعلته تحت رجلي ، ووضعته تحت قدمي. وخطب رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام الفتح فقال : «ألا إن كل دم ومأثرة في الجاهلية فهو
تحت قدمي هاتين إلا سقاية الحاج ، وسدانة البيت» . يريد محو تلك المآثر وإبطالها ، وما أكثر ما تضرب العرب
الأمثال في كلامها بأسماء الأعضاء ، وهي لا تريد أعيانها ، كما تقول في الرجل يسبق
منه القول أو الفعل ثم يقدم عليه «قد سقط في يده» ، أي ندم. وكقوله : «رغم أنف
الرجل». إذا ذل ، «وعلا
__________________