عن مطرف ، وهو ابن عبد الله بن الشخير ، قال : قال أبي رضي الله عنه : انطلقت في وفد بني عامر إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقلنا : أنت سيدنا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : السيد الله. قلنا : فأفضلنا فضلا ، وأعظمنا طولا! فقال صلىاللهعليهوسلم : قولوا بقولكم ، أو ببعض قولكم ، ولا يستجدينكم الشيطان (١).
قال الحليمي : ومعناه المحتاج إليه بالإطلاق. فإن سيد الناس إنما هو رأسهم الذي إليه يرجعون ، وبأمره يعملون. وعن رأيه يصدرون. ومن قوله يستهدون. فإذا كانت الملائكة والإنس والجن خلقا للباري (جل ثناؤه) ولم يكن بهم غنية عنه في بدء أمرهم ، وهو الوجود ، إذ لو لم يوجدهم ، لم يوجدوا ولا في الإبقاء بعد الإيجاد ، ولا في العوارض العارضة اثنا البقاء ، كان حقا له (جل ثناؤه) أن يكون سيدا. وكان حقا عليهم أن يدعوه بهذا الاسم.
ومنها : (الجليل): وذلك مما ورد به الأثر عن النبي صلىاللهعليهوسلم في خبر الأسامي ، وفي الكتاب : (ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (٢). ومعناه : المستحق للأمر والنهي. فإن جلال الواحد فيما بين الناس إنما يظهر بأن يكون له على غيره أمر نافذ لا يجد من طاعته فيه بدا. فإذا كان من حق الباري (جل ثناؤه) على من أبدعه أن يكون أمره عليه نافذا ، وطاعته له لازمة ، وجب له اسم الجليل حقا. وكان لمن عرفه أن يدعوه بهذا الاسم ، وبما يجري مجراه ، ويؤدي معناه.
قال أبو سليمان : هو من الجلال والعظمة. ومعناه منصرف إلى جلال القدر ، وعظم الشأن. فهو الجليل الذي يصغر دونه كل جليل ، ويتضع معه كل رفيع.
ومنها : (البديع): قال الله (جل ثناؤه) : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٣). وقد رويناه في خبر الأسامي (٤).
__________________
(١) الحديث أخرجه الدارمي في المقدمة ٢ بلفظ (فالله السيد ومحمد الداعي).
(٢) سورة الرحمن آية ٢٧.
(٣) سورة البقرة آية ١١٧ وتكملة الآية (وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
(٤) ومعنى البديع : موجد الأشياء على غير مثال سبق ويسمى العبد مبدعا في صناعته إذا لم يكن لها مثال قط.