قال أبو سليمان الخطابي (رحمهالله) فيما بلغني عنه : إطلاق الشخص في صفة الله (سبحانه) غير جائز. وذلك لأن الشخص لا يكون إلا جسما مؤلفا. وإنما سمى شخصا ما كان له شخوص وارتفاع. ومثل هذا النعت منفي عن الله (سبحانه وتعالى). وخليق أن لا تكون هذه اللفظة صحيحة ، وأن تكون تصحيفا من الراوي ، والشيء والشخص في الشطر الأول من الاسم سواء. فمن لم ينعم الاستماع ، لم يأمن الوهم.
قال : وليس كل الرواة يراعون لفظ الحديث حتى لا يتعدوه ، بل كثير منهم يحدث على المعنى. وليس كلهم بفقيه.
وقد قال بعض السلف في كلام له : «نعم المرء ربنا لو أطعناه ما عصانا». ولفظ المرء إنما يطلق في الذكور من الآدميين. يقول القائل : المرء بأصغريه. والمرء مخبوء تحت لسانه. ونحو ذلك من كلامهم. وقائل هذه الكلمة لم يقصد به المعنى الذي لا يليق بصفات الله (سبحانه) ، ولكنه أرسل الكلام على بديهة الطبع من غير تأمل ، ولا تنزيل له على المعنى الأخص به. وحري أن يكون لفظ الشخص إنما جرى من الراوي على هذا السبيل ، إن لم يكن ذلك غلطا من قبل التصحيف. قال الشيخ : ولو ثبتت هذه اللفظة ، لم يكن فيها ما يوجب أن يكون الله (سبحانه) شخصا. فإنما قصد إثبات صفة الغيرة لله (تعالى) والمبالغة فيه. وإن أحدا من الأشخاص لا يبلغ تمامها ، وإن كان غيورا. فهي من الأشخاص جبلة جبلهم الله (تعالى) عليها. فيكون كل شخص فيها بمقدار ما جبله الله (تعالى) عليه منها. وهي من الله على طريق الزجر عما يغار عليه.
وقد زجر عن الفواحش كلها ما ظهر منها وما بطن. وحرمها ، فهو أغير من غيره فيها. والله أعلم.
وقد أخبرنا أبو عمرو ، محمد بن عبد الله الأديب ، أنا أبو بكر الإسماعيلي رحمهالله ، قال : قوله : «لا شخص أغير من الله» ليس فيه إيجاب أن الله شخص. وهذا كما روى : ما خلق الله شيئا أعظم من آية الكرسي. فليس فيه إثبات خلق آية الكرسي ، وليس فيه إلا أن لا خلق في العظم كآية