أخبرنا أبو سهل ، محمد بن نصرويه المروزي ، أنا أبو بكر محمد بن أحمد بن خنب ، نا أبو يعقوب ، إسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي ، نا الحسن ، يعني بن موسى الأشيب ، نا حماد بن سلمة ، نا إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة ، عن عبيد الله بن مقسم ، عن ابن عمر أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قرأ مرة على منبره : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ) (١).
فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : كذا يمجد نفسه : أنا الجبار ، أنا العزيز المتكبر. فرجف به المنبر حتى قلنا : ليخرن به الأرض.
قال الشيخ : ومعنى قول من قال : الله سبحانه وتعالى أنه نفس أنه موجود ثابت غير منتف ولا معدوم. وكل موجود نفس ، وكل معدوم ليس بنفس.
والنفس في كلام العرب على وجوه :
فمنها نفس منفوسة ، مجسمة ، مروحة.
ومنها مجسمة غير مروحة. تعالى الله عن هذين علوا كبيرا.
ومنها نفس بمعنى إثبات الذات ، كما تقول في الكلام : هذا نفس الأمر. تريد إثبات الأمر ، لا أن له نفسا منفوسة ، أو جسما مروحا ، فعلى هذا المعنى يقال في الله سبحانه : إنه نفس ، لا أن له نفسا منفوسة أو جسما مروحا. وقد قيل في قوله (عزوجل) : (تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) (٢).
أي تعلم ما أكنه وأسره ، ولا علم لي بما تستره عني وتغيبه. ومثل هذا قول النبي صلىاللهعليهوسلم فيما رويناه عنه : فإن ذكرني في نفسه ، ذكرته في نفسي. أي حيث لا يعلم به أحد ،. ولا يطلع عليه. وأما الاقتراب والإتيان المذكوران في الخبر ، فإنما يعني بهما إخبارا عن سرعة الإجابة والمغفرة كما رويناه عن قتادة.
__________________
(١) سورة الزمر آية رقم ٦٧.
(٢) سورة المائدة آية رقم ١١٦.