الناس فأتموا به. ثم إنه لما كان اسما لعظيم (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (١). أرادوا تفخيمه بالتعريف الذي هو الألف واللام ، لأنهم أفردوه بهذا الاسم دون غيره ، فقالوا : الإله واستثقلوا الهمزة في كلمة يكثر استعمالهم إياها. وللهمزة في وسط الكلام ضغطة شديدة ، فحذفوها فصار الاسم كما نزل به القرآن.
وقال بعضهم : أصله ولاه ، فأبدلت الواو همزة ، فقيل : إله. كما قالوا وسادة وإسادة ، ووشاح وإشاح. واشتق من الوله ، لأن قلوب العباد توله نحوه ، كقوله سبحانه : (ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ) (٢).
وكان القياس أن يقال : مألوه ، كما قيل : معبود. إلا أنهم خالفوا به البناء ليكون اسما علما. فقالوا : إله ، كما قيل للمكتوب : كتاب. وللمحسوب : حساب. وقال بعضهم : أصله من أله الرجل يأله ، إذا تحير. وذلك لأن القلوب تأله عند التفكر في عظمة الله سبحانه وتعالى. أي تتحير وتعجز عن بلوغ كنه جلاله.
وحكى بعض أهل اللغة أنه من أله يأله إلاهة ، بمعنى عبد يعبد عبادة.
وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يقرأ : (وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ) (٣). أي عبادتك.
قال : والتأله : التعبد. فمعنى الإله : المعبود. وقوله الموحدين : «لا إله إلا الله» معناه : لا معبود غير الله. و «إلا» في الكلمة بمعنى «غير» لا بمعنى الاستثناء. وزعم بعضهم أن الأصل فيه الهاء التي هي الكناية عن الغائب. وذلك لأنهم أثبتوه موجودا في فطر عقولهم ، فأشاروا إليه بحرف الكناية ، ثم زيدت فيه لام الملك. إذ قد علموا أنه خالق الأشياء ومالكها ، فصار «له» ثم زيدت الألف واللام تعظيما وفخموها توكيدا لهذا المعنى. ومنهم من أجراه على
__________________
(١) سورة الشورى آية ١١.
(٢) سورة النحل آية ٥٣.
(٣) سورة الأعراف آية ١٢٧.