وفي ذلك دلالة على قصر قراءته على هذه اللغات السبع من لغات العرب شرعا. ومن بلغه معناه فأسلم كان عليه أن يتعلم منه ما تجزئ به الصلاة ، وعلى جماعتهم أن يتعلموا جميعا حتى يقوم بتعلمه من فيه الكفاية.
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو طاهر الفقيه ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق ، وأبو سعيد بن أبي عمرو ، قالوا : حدثنا أبو العباس ، محمد بن يعقوب ، أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أنا الشافعي ، محمد بن إدريس ، حدثنا إسماعيل بن قسطنطين قال : قرأت على شبل ، وأخبر الشبل أنه قرأ على عبد الله بن كثير ، وأخبر عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد ، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس ، وأخبر ابن عباس أنه قرأ على أبي ، قال ابن عباس : وقرأ ابي على رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال الشافعي : وقرأت على إسماعيل بن قسطنطين ، وكان يقول : القرآن اسم وليس بمهموز ، ولم يؤخذ من «قرأت». ولو أخذ من «قرأت» كان كل ما قرئ قرآنا ، ولكنه اسم للقرآن مثل التوراة والإنجيل ، وكان يقول : (وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ) (١) تهمز قرأت ولا تهمز القرآن.
قلت : وذهب بعضهم إلى أنه مشتق من القراءة. يقال : قرأت قراءة وقرآنا ، كما يقال : سبحت تسبيحا وسبحانا ، وغفرت مغفرة وغفرانا.
قال الله (عزوجل) : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً) (٢).
وإنما أراد صلاة الفجر التي يقع فيها القراءة ، فسماها قرآنا ، يريد به قراءة. ثم كثر استعماله في كلام الله (عزوجل) فصار مطلقه له. وقد يسمى سائر ما أنزل الله (عزوجل) على سائر رسله قرآنا.
حدثنا أبو الحسن ، محمد بن الحسين بن داود العلوي ، أنا أبو حامد ،
__________________
(١) سورة الإسراء آية ٤٥.
(٢) سورة الإسراء آية ٧٨.