من دلو كانت في دارهم. قال : سمعت عتبان بن مالك الأنصاري ، ثم أحد بني سالم رضي الله عنه ، قال : كنت أصلي لقومي بني سالم ، فأتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقلت له : إني قد أنكرت بصري ، وأن السيول تحول بيني وبين مسجد قومي فلوددت أنك جئت فصليت في بيتي مكانا أتخذه مسجدا. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : أفعل إن شاء الله. قال : فغدا عليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر رضي الله عنه معه بعد ما اشتد النهار ، فاستأذن النبي صلىاللهعليهوسلم ، فأذنت له. فلم يجلس حتى قال : أين تحب أن أصلي في بيتك؟ فأشرت له إلى المكان الذي أحب أن يصلي فيه ، فقام رسول الله صلىاللهعليهوسلم فصففنا خلفه ، ثم سلم ، وسلمنا حين سلم ، فحبسناه على خزيرة (١) صنع له ، فسمع به أهل الدار وهم يدعون قراهم الزور ، فثابوا (٢) حتى امتلأ البيت ، فقال رجل : فأين مالك بن الدخشم؟ فقال رجل منا : ذاك رجل منافق ، لا يحب الله ورسوله. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : لا تقولوه ، يقول : «لا إله إلا الله» ، يبتغي بذلك وجه الله. قال : أما نحن فنرى وجهه وحديثه إلى المنافقين. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم أيضا لا تقولوه ، يقول : «لا إله إلا الله» ، يبتغي بذلك وجه الله. قال : بلى ، أرى يا رسول الله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لن يوافي عبد يوم القيامة وهو يقول : «لا إله إلا الله» ، يبتغي بذلك وجه الله (عزوجل) إلا حرم الله عليه النار.
قال محمود : فحدثت قوما فيهم أبو أيوب ـ صاحب النبي صلىاللهعليهوسلم ـ في غزوته التي توفي فيها مع يزيد بن معاوية ، فأنكر عليّ وقال : ما أظن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال ما قلت قط. فكبر ذلك عليّ ، فجعلت لله عليّ إن سلمني حتى أقفل من غزوتي أن أسأل عنها عتبان بن مالك إن وجدته حيّا ، فأهللت من إيليا بحج أو عمرة ، حتى قدمت المدينة ، فأتيت بني سالم. فإذا عتبان بن مالك شيخ كبير قد ذهب بصره ، وهو إمام قومه ، فلما سلم من صلاته ، جئته فسلمت عليه وأخبرته من أنا ، فحدثني به كما حدثني أول مرة.
__________________
(١) قال ابن قتيبة : الخزيرة لحم يقطع صغارا ثم يصب عليه ماء كثير فإذا نضج ذرّ عليه دقيق فإن لم يكن فيه لحم فهي عصيدة.
(٢) ثابوا : أي اجتمعوا ، والمراد بالدار. هنا المحلة.