قال أبو عبد الله الحليمي ، وفي هذا بيان أن هذه الكلمة يكفي الانسلاخ بها من جميع أصناف الكفر بالله (جل ثناؤه). وإذا تأملناها ، وجدناها بالحقيقة كذلك ، لأن من قال : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) ، فقد أثبت الله تعالى ، ونفى غيره ، فخرج بإثبات ما أثبت من التعطيل ، وبما ضم إليه من نفي غيره عن التشريك ، وأثبت باسم الإله الإبداع والتدبير معا ، إذ كانت الإلهية لا تصير مثبتة له (جل ثناؤه) بإضافة الموجودات إليه على معنى أنه سبب لوجودها ، دون أن يكون فعلا له وصنعا ، ويكون لوجودها بإرادته واختياره تعلق. ولا بإضافة فعل يكون منه فيها سوى الإبداع إليه مثل التركيب والنظم والتأليف ، فإن الأبوين قد يكونان سببا للولد على بعض الوجوه. ثم لا يستحق واحد منهما اسم الإله. والنجار والصائغ ، ومن يجري مجراهما كل واحد منهم يركب ويهيئ ولا يستحق اسم الإله ، فعلم بهذا أن اسم الإله لا يجب إلا لكل مبدع. وإذا وقع الاعتراف بالإبداع ، فقد وقع بالتدبير ، لأن الإيجاد تدبير ، ولأن تدبير الموجود إنما يكون بإتقانه ، أو بإحداث أغراض فيه ، أو إعدامه بعد إيجاده. وكل ذلك إذا كان فهو إبداع وإحداث. وفي ذلك ما يبين أنه لا معنى لفصل التدبير عن الإبداع وتميزه عنه. وأن الاعتراف بالإبداع ينتظم جميع وجوهه ، وعامة ما يدخل في بابه. هذا هو الأصل الجاري على سنن النظر ، ما لم يناقض قول مناقض ، فيسلم أمرا ويجحد مثله ، أو يعطي أصلا ، ويمنع فرعه. فأما التشبيه فإن هذه الكلمة أيضا تأتي على نفيه ، لأن اسم الإله إذا ثبت ، فكل وصف يعود عليه بالإبطال ، وجب أن يكون منفيا بثبوته. والتشبيه من هذه الجملة ، لأنه إذا كان له من خلقه شبيه ، وجب أن يجوز عليه من ذلك الوجه ما يجوز على شبيهه. وإذا جاز ذلك عليه ، لم يستحق اسم الإله كما لا يستحقه خلقه الذي شبه به. فتبين بهذا أن اسم الإله والتشبيه لا يجتمعان ، كما أن اسم الإله ونفي الإبداع عنه لا يأتلفان. وبالله التوفيق.
__________________
ـ حدثنا وكيع ، وحدثني محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الرحمن (يعني ابن المهدي) قال جميعا : حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم وذكره.