وهذا قول الكسائيّ والزّجّاج. والثالث : أنها أمانيهم على الله ، قاله قتادة. قوله تعالى : (وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ) ، قال مقاتل : ليسوا على يقين ، فإن كذب الرؤساء أو صدقوا تابعوهم.
(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (٧٩))
قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ). هذه الآية نزلت في أهل الكتاب الذين بدّلوا التوراة وغيّروا صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم فيها. وهذا قول ابن عباس وقتادة وابن زيد وسفيان.
فأما الويل : فروى أبو سعيد الخدريّ عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه قال :
(٢٦) «ويل : واد في جهنّم ، يهوي الكافر فيه أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره».
وقال الزّجّاج : الويل : كلمة تقولها العرب لكل من وقع في هلكة ، ويستعملها هو أيضا. وأصلها في اللغة : العذاب والهلاك. قال ابن الأنباريّ : ويقال : معنى الويل : المشقّة من العذاب ، ويقال : أصله : وي لفلان ، أي : حزن لفلان ، وكثر الاستعمال للحرفين ، فوصلت اللام ب «وي» وجعلت حرفا واحدا ثم خبّر عن «ويل» بلام أخرى ، وهذا اختيار الفرّاء. والكتاب هاهنا : التوراة. وذكر الأيدي توكيد ، والثمن القليل : ما يفنى من الدنيا.
وفيما يكسبون قولان : أحدهما : أنه عوض ما كتبوا. والثاني : إثم ما فعلوا.
(وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٨٠))
قوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً) ، وهم : اليهود. وفيما عنوا بهذه الأيام قولان : أحدهما : أنهم أرادوا أربعين يوما ، قاله ابن عباس وعكرمة ، وأبو العالية ، وقتادة ، والسّدّيّ. ولما ذا قدروها بأربعين؟ فيه ثلاثة أقوال : أحدها : أنهم قالوا : بين طرفي جهنم مسيرة أربعين
____________________________________
(٢٦) ضعيف منكر. أخرجه الترمذي ٣١٦٤ وأبو يعلى ١٣٨٣ من طريق الحسن بن موسى والبيهقي من طريق كامل كلاهما عن ابن لهيعة عن درّاج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد به. وقال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلّا من حديث ابن لهيعة. وتعقبه ابن كثير في «تفسيره» ١ / ١٢١ بقوله : لم ينفرد به ابن لهيعة كما ترى ولكن الآفة ممن بعده وهذا الحديث بهذا الإسناد مرفوعا منكر.
قلت : مداره على درّاج أبي السّمح ، وهو ضعيف في روايته عن أبي الهيثم خاصة.
ـ وأخرجه الطبري ١٣٨٧ وابن أبي حاتم فيما ذكره ابن كثير في «تفسيره» ١ / ١٢١ من طريق يونس والحاكم ٤ / ٥٩٦ ، والبيهقي في «البعث» ٤٦٦ من طريق بحر بن نصر والحاكم ٢ / ٥٠٧ ، والبيهقي ٤٦٥ من طريق أبي عبد الله أحمد بن عبد الرحمن بن وهب. ثلاثتهم عن ابن وهب بهذا الإسناد وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، لكن قال الذهبي في مواضع أخرى : درّاج ذو مناكير. وأخرجه ابن حبّان ٧٤٦٧ عن ابن أسلم عن حرملة عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن درّاج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري ، مرفوعا.
ـ الخلاصة : مداره على درّاج ، وهو ضعيف. قال الذهبي في «الميزان» ٢ / ٢٤ : قال أحمد : درّاج أحاديثه مناكير ، وقال أبو حاتم : ضعيف ، وقال النسائي : منكر الحديث.