(٤٣٧) والثالث : أنه لمّا كانت وقعة أحد خافت طائفة من الناس أن يدال عليهم الكفّار ، فقال رجل لصاحبه : أمّا أنا فألحق بفلان اليهوديّ ، فآخذ منه أمانا ، أو أتهوّد معه ، فنزلت هذه الآية ، قاله السّدّيّ ، ومقاتل.
قال الزجّاج : لا تتولّوهم في الدّين. وقال غيره : لا تستنصروا بهم ، ولا تستعينوا ، (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) في العون والنّصرة.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) فيه قولان : أحدهما : من يتولّهم في الدّين ، فإنه منهم في الكفر. والثاني : من يتولّهم في العهد فإنه منهم في مخالفة الأمر.
(فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ (٥٢))
قوله تعالى : (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ) قال المفسّرون : نزلت في المنافقين ، ثمّ لهم في ذلك قولان :
(٤٣٨) أحدهما : أنّ اليهود والنّصارى كانوا يميرون (١) المنافقين ويقرضونهم فيوادّونهم ، فلمّا نزلت (لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ) قال المنافقون : كيف نقطع مودّة قوم إن أصابتنا سنة وسّعوا علينا ، فنزلت هذه الآية ، رواه أبو صالح عن ابن عباس. وممّن قال : نزلت في المنافقين ، ولم يعيّن : مجاهد ، وقتادة.
والثاني : أنها نزلت في عبد الله بن أبيّ ، قاله عطيّة العوفيّ (٢).
وفي المراد بالمرض قولان : أحدهما : أنه الشّكّ ، قاله مقاتل. والثاني : النّفاق ، قاله الزجّاج. وفي قوله تعالى : (يُسارِعُونَ فِيهِمْ) ثلاثة أقوال : أحدها : يسارعون في موالاتهم ومناصحتهم ، قاله مجاهد ، وقتادة. والثاني : في رضاهم ، قاله ابن قتيبة. والثالث : في معاونتهم على المسلمين ، قاله الزجّاج. وفي المراد «بالدّائرة» قولان : أحدهما : الجدب والمجاعة ، قاله ابن عباس. قال ابن قتيبة : نخشى أن يدور علينا الدّهر بمكروه ، يعنون الجدب ، فلا يبايعوننا ، ونمتار فيهم فلا يميروننا. والثاني : انقلاب الدّولة لليهود على المسلمين ، قاله مقاتل. وفي المراد بالفتح أربعة أقوال : أحدها : فتح مكّة ، قاله ابن عباس ، والسّدّيّ. والثاني : فتح قرى اليهود ، قاله الضّحّاك. والثالث : نصر النبيّ صلىاللهعليهوسلم على من خالفه ، قاله قتادة ، والزجّاج. والرابع : الفرج ، قاله ابن قتيبة. وفي الأمر أربعة أقوال : أحدها : إجلاء
____________________________________
(٤٣٧) ضعيف. أخرجه الطبري ١٢١٦٥ عن السدي ، مرسلا ، فهو ضعيف.
(٤٣٨) عزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس ، وهي رواية ساقطة كما تقدم مرارا.
__________________
(١) في «اللسان» : الميرة : الطعام يمتاره الإنسان ، وفي التهذيب : جلب الطعام للبيع وهم يمتارون لأنفسهم ويميرون غيرهم ميرا.
(٢) عطية هو ابن سعد العوفي ، وهو ضعيف ، لا يحتج به ، إلا أن ابن أبي هو المراد في أكثر الآيات التي تذكر المنافقين ، فإنه رأس النفاق.