(٣٥٢) روى مجاهد عن أبي عيّاش الزّرقيّ قال : كنّا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعسفان (١) ، وعلى المشركين خالد بن الوليد ، قال : فصلّينا الظّهر ، فقال المشركون : لقد أصبنا غرّة ، لو كنّا حملنا عليهم وهم في الصّلاة ، فنزلت آية القصر فيما بين الظّهر والعصر.
والضّرب في الأرض : السّفر ، والجناح : الإثم ، والقصر : النّقص ، والفتنة : القتل.
وفي القصر قولان : أحدهما : أنه القصر من عدد الركعات. والثاني : أنه القصر من حدودها. وظاهر الآية يدلّ على أن القصر لا يجوز إلا عند الخوف ، وليس الأمر كذلك ، وإنما نزلت الآية على غالب أسفار رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأكثرها لم يخل عن خوف العدوّ. وقيل : إن قوله : (أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ) كلام تام. وقوله تعالى : (إِنْ خِفْتُمْ) كلام مبتدأ ، ومعناه : وإن خفتم.
واختلف العلماء هل صلاة المسافر ركعتين مقصورة أم لا؟ فقال قوم : ليست مقصورة ، وإنما فرض المسافر ذلك ، وهو قول ابن عمر ، وجابر بن عبد الله ، وسعيد بن جبير ، والسّدّيّ ، وأبي حنيفة ، فعلى هذا القول قصر الصلاة أن تكون ركعة ، ولا يجوز ذلك إلا بوجود السّفر والخوف ، لأن عند هؤلاء أن الرّكعتين في السفر إذا لم يكن فيه خوف تمام غير قصر.
(٣٥٣) واحتجّوا بما روى ابن عباس أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم صلّى بذي قرد (٢) ، فصفّ الناس خلفه صفّين ، صفّا خلفه ، وصفّا موازي العدوّ ، فصلّى بالذين خلفه ركعة ، ثم انصرف هؤلاء ، إلى مكان هؤلاء ، وجاء أولئك فصلّى بهم ركعة ، ولم يقضوا.
(٣٥٤) وعن ابن عباس أنه قال : فرض الله الصّلاة على لسان نبيّكم في الحضر أربعا ، وفي السّفر ركعتين ، وفي الخوف ركعة.
والثاني : أنها مقصورة ، وليست بأصل ، وهو قول مجاهد وطاوس ، وأحمد ، والشّافعيّ.
(٣٥٥) قال يعلى بن أميّة : قلت لعمر بن الخطّاب : عجبت من قصر الناس اليوم ، وقد أمنوا وإنما
____________________________________
(٣٥٢) جيد. أخرجه أبو داود ١٢٣٦ والنسائي ٣ / ١٧٦ و ١٧٧ و ١٧٨ وابن أبي شيبة ٢ / ٤٦٥ والطيالسي ١٣٤٧ وأحمد ٤ / ٥٩ و ٦٠ والدارقطني ٢ / ٥٩ و ٦٠ وابن حبان ٢٨٧٥ و ٢٨٧٦ والطبري ١٠٣٨٣ والحاكم ١ / ٣٣٧ ـ ٣٣٨ والواحدي في «أسباب النزول» ٣٥٩ والبيهقي ٣ / ٢٥٤ ـ ٢٥٥ والبغوي في «شرح السنة» ١٠٩١ من طرق عن منصور عن مجاهد عن أبي عياش مطولا. وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي وقال الدارقطني : صحيح. وكذا قال البيهقي ، وجوده الحافظ في الإصابة ٤ / ١٤٣.
(٣٥٣) صحيح. أخرجه النسائي ٣ / ١٦٩ وأحمد ١ / ٢٣٢ والحاكم ١ / ٣٣٥ وابن حبان ٢٨٧١ والطبري ١٠٣٣٩ و ١٠٣٤٠ والطحاوي ١ / ٣٠٩ والبيهقي ٣ / ٢٦٢. وقال الحاكم : حديث صحيح على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي! وإنما هو على شرط مسلم فقط ، لأن أبا بكر بن أبي الجهم لم يخرج له البخاري.
(٣٥٤) صحيح. أخرجه مسلم ٦٨٧ وأبو داود ١٢٤٧ والنسائي ٣ / ١٦٨ ـ ١٦٩ وابن ماجة ١٠٦٨ وابن خزيمة ٩٤٣ وأبو يعلى ٢٣٤٦ وأحمد ١ / ٢٣٧ و ٢٥٤ من حديث ابن عباس.
(٣٥٥) صحيح. أخرجه مسلم ٦٨٦ وأبو داود ١١٩٩ و ١٢٠٠ والترمذي ٣٠٣٤ وابن ماجة ٩٤٥ وأحمد ١ / ٢٥ و ٣٦
__________________
(١) عسفان : على مرحلتين من مكة على طريق المدينة. انظر «معجم البلدان» ٤ / ١٢٢.
(٢) ذو قرد : ماء على ليلتين من المدينة بينها وبين خيبر. انظر «معجم البلدان» ٤ / ٣٢١.