(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (٩٤))
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا) في سبب نزولها أربعة أقوال :
(٣٣٦) أحدها : أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم بعث سريّة فيها المقداد بن الأسود ، فلمّا أتوا القوم ، وجدوهم قد تفرّقوا ، وبقي رجل له مال كثير لم يبرح ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، فأهوى إليه المقداد بن الأسود فقتله. فقال له رجل من أصحابه : أقتلت رجلا يشهد أن لا إله إلا الله؟! لأذكرنّ ذلك للنبي. فلما قدموا على النبيّ صلىاللهعليهوسلم قالوا له : يا رسول الله إنّ رجلا شهد أن لا إله إلا الله ، فقتله المقداد ، فقال : ادعوا لي المقداد ، فقال : يا مقداد أقتلت رجلا قال : لا إله إلا الله ، فكيف لك ب «لا إله إلا الله غدا»! فنزلت هذه الآية. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم للمقداد : كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهر إيمانه فقتلته؟ وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة قبل. رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.
(٣٣٧) والثاني : أنّ رجلا من بني سليم مرّ على نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعه غنم ، فسلّم عليهم ، فقالوا : ما سلّم عليكم إلا ليتعوّذ منا ، فعمدوا إليه فقتلوه وأخذوا غنمه ، فأتوا بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فنزلت هذه الآية. رواه عكرمة ، عن ابن عباس.
(٣٣٨) والثالث : أنّ قوما من أهل مكّة سمعوا بسريّة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أنها تريدهم فهربوا ، وأقام
____________________________________
(٣٣٦) حسن ، أخرجه البزار ٢٢٠٢ والطبراني في «الكبير» ١٢٣٧٩ وإسناده حسن. وقال الهيثمي في «المجمع» ٧ / ٨ : رواه البزار ، وإسناده جيد. ويمكن الجمع بين هذا وما بعده بتعدد الحادثة ، والله أعلم.
(٣٣٧) صحيح. أخرجه الترمذي ٣٠٣٠ وأحمد ١ / ٢٢٩ و ٢٧٢ و ٣٢٤ والطبري ١٠٢٢٢ والطبراني ١١٧٣١ والحاكم ٢ / ٢٣٥ والبيهقي ٩ / ١١٥ والواحدي في «أسباب النزول» ٣٤٦ من طرق عن عكرمة به. وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي ، وقال الترمذي : حديث حسن اه. وأخرجه البخاري ٤٥٩١ ومسلم ٣٠٢٥ وأبو داود ٣٩٧٤ ، والطبري ١٠٢١٩ و ١٠٢٢٠ و ١٠٢٢١ والواحدي ٣٤٥ والبيهقي ٩ / ١١٥ من طرق عن سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس بنحوه.
(٣٣٨) ضعيف جدا بهذا اللفظ ، قال الحافظ في «تخريج الكشاف» ١ / ٥٥٢ : أخرجه الثعلبي من رواية الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس اه. والكلبي متهم بالكذب ، وخصوصا في روايته عن أبي صالح. وأخرجه الطبري ١٠٢٢٦ من رواية أسباط عن السدي مرسلا وليس فيه استغفار النبي صلىاللهعليهوسلم لأسامة ، وقوله : «أعتق رقبة».
ـ وأصل الخبر في الصحيحين البخاري ٤٢٦٩ ومسلم ٩٦ من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : بعثنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الحرقة فصبّحنا القوم فهزمناهم ، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم ، فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله فكفّ الأنصاري ، فطعنته برمحي حتى قتلته ، فلما قدمنا بلغ النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : «يا أسامة أقتلته
__________________
في العمد أولى وأصحاب الإمام أحمد وآخرون : قتل العمد أعظم من أن يكفر فلا كفارة فيه وكذا اليمين الغموس. وقد احتج من ذهب إلى وجوب الكفارة في قتل العمد بما رواه الإمام أحمد حيث قال : عن واثلة بن الأسقع قال : أتى النبي صلىاللهعليهوسلم نفر من بني سليم فقالوا إن صاحبا لنا قد أوجب قال : «فليعتق رقبة يفدي الله بكل عضو منها عضوا من النار». والله أعلم.