ومعنى الكلام : من قبل ما أتى به الرسول ، فإنما قبل : ما أمر الله به ، ومن تولّى ، أي : أعرض عن طاعته. وفي «الحفيظ» قولان : أحدهما : أنه الرّقيب ، قاله ابن عباس. والثاني : المحاسب ، قاله السّدّيّ ، وابن قتيبة.
فصل : قال المفسّرون : وهذا كان قبل الأمر بالقتال ، ثم نسخ بآية السّيف.
(وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٨١))
قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ طاعَةٌ).
(٣١٨) نزلت في المنافقين ، كانوا يؤمنون عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليأمنوا ، فإذا خرجوا ، خالفوا ، هذا قول ابن عباس. قال الفرّاء : والرّفع في «طاعة» على معنى : أمرك طاعة.
قوله تعالى : (بَيَّتَ طائِفَةٌ) قرأ أبو عمرو ، وحمزة : بيّت ، بسكون «التاء» وإدغامها في «الطاء» ، ونصب الباقون «التاء» ، قال أبو عليّ : التاء والطاء والدال من حيز واحد ، فحسن الإدغام ، ومن بيّن ، فلانفصال الحرفين ، واختلاف المخرجين. قال ابن قتيبة : والمعنى (فإذا برزوا من عندك) أي خرجوا ، (بيّت طائفة منهم غير الذي تقول) ، أي (١) قالوا ، وقدّروا ليلا غير ما أعطوك نهارا. قال الشاعر :
أتوني فلم أرض ما بيّتوا |
|
وكانوا أتوني بشيء نكر (٢) |
والعرب تقول : هذا أمر قد قدّر بليل ، [وفرغ منه بليل ، ومنه قول الحارث بن حلزة :
أجمعوا أمرهم عشاء فلما |
|
أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء] (٣) |
وقال بعضهم : بيّت ، بمعنى : بدّل ، وأنشد :
وبيّت قولي عند المليك |
|
قاتلك الله عبدا كفورا (٤) |
وفي قوله تعالى : (غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ) قولان : أحدهما : غير الذي تقول الطّائفة عندك ، وهو قول ابن عباس ، وابن قتيبة. والثاني : غير الذي تقول أنت يا محمّد ، وهو قول قتادة ، والسّدّيّ.
____________________________________
وهذا صحيح. أخرجه البخاري ٢٩٥٧ و ٧١٣٧ ومسلم ١٨٣٥ والنسائي ٧ / ١٥٤ وابن ماجة ٣ وابن حبان ٣٥٥٦ وعبد الرزاق ٢٠٦٧٩ وأحمد ٢ / ٣٤٢ و ٤١٦ من حديث أبي هريرة ، وليس فيه سبب نزول ولا قول المنافقين وقال الحافظ في «الفتح» ٢٩٥٧ : قوله : «من أطاعني فقد أطاع الله» : هذه الجملة منتزعة من قوله تعالى : (ومن يطع الرسول فقد أطاع الله).
(٣١٨) ضعيف. أخرجه الطبري ٩٩٩١ عن العوفي عن ابن عباس وإسناده واه لأجل عطية بن سعد العوفي.
__________________
(١) ما بين المعقوفتين زيادة من «غريب القرآن» : ١٣١.
(٢) البيت لعبيدة بن همام كما في «تفسير الطبري» ٤ / ١٨٠ والبيت الذي بعده يتممه :
لأنكح أيمهم منذرا |
|
وهل ينكح العبد حرّ لحر؟! |
وفي «اللسان» : النكر : الأمر المنكر الذي تنكره.
(٣) ما بين المعقوفتين زيادة من غريب القرآن.
(٤) البيت للأسود بن عامر بن جوين الطائي كما في «تفسير القرطبي» ٥ / ٢٧٦ وفيه عبد المليك.