قلقله. فالمعنى : أنه تكرّر عليهم التحريك بالخوف ، قاله ابن عباس. البأساء : الشدّة والبؤس ، والضّرّاء : البلاء والمرض. وكل رسول بعث إلى أمّته يقول : (مَتى نَصْرُ اللهِ) ، والنّصر : الفتح ، والجمهور على فتح لام «حتى يقول» ، وضمّها نافع.
فصل : ومعنى الآية : أن البلاء والجهد بلغ بالأمم المتقدمة إلى أن استبطئوا النصر لشدة البلاء. وقد دلّت على أن طريق الجنّة إنما هو الصبر على البلاء.
(٩٤) قالت عائشة : ما شبع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثلاثة أيام تباعا من خبز برّ حتى مضى لسبيله.
(٩٥) وقال حذيفة : أقرّ أيامي لعيني ، يوم أرجع إلى أهلي فيشكون إليّ الحاجة. قيل : ولم ذلك؟ قال : لأنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّ الله يتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الوالد ولده بالخير ، وإنّ الله ليحمي المؤمن من الدّنيا ، كما يحمي المريض أهله الطّعام».
أخبرنا أبو بكر الصّوفيّ ، قال : أخبرنا أبو سعيد بن أبي صادق ، قال : أخبرنا أبو عبد الله الشّيرازيّ ، قال : سمعت أبا الطيّب بن الفرخان يقول : سمعت الجنيد يقول : دخلت على سريّ السّقطيّ وهو يقول :
وما رمت الدّخول عليه حتّى |
|
حللت محلّة العبد الذّليل |
وأغضيت الجفون على قذاها |
|
وصنت النّفس عن قال وقيل (١) |
(يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢١٥))
قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) ، في سبب نزولها قولان :
(٩٦) أحدهما : أنها نزلت في عمرو بن الجموح الأنصاريّ ، وكان له مال كثير ، فقال : يا
____________________________________
(٩٤) صحيح. أخرجه البخاري ٥٤١٦ و ٦٤٥٤ ومسلم ٢٩٧٠ وابن سعد ١ / ٤٠٢ و ٤٠٣ وأحمد ٦ / ١٥٦ و ٢٥٥ ووكيع ١ / ١٠ و ١٠٩ وهنّاد بن السّري ٧٢٥ و ٧٢٨ في «الزهد» من طرق عن عائشة.
ـ ويشهد له ما أخرجه البخاري ٢٠٦٩ و ٢٥٠٨ والترمذي ١٢١٥ وأحمد ٣ / ٢٣٨ وابن ماجة ٤١٤٧ وابن حبان ٦٣٤٩ من طرق عن أنس بن مالك. أنه مشى إلى النبي صلىاللهعليهوسلم بخبز وإهالة سنخة ، ولقد رهن النبي صلىاللهعليهوسلم درعا له بالمدينة عند يهودي ، وأخذ منه الشعير لأهله ، ولقد سمعته يقول : «ما أمسى عند آل محمد صلىاللهعليهوسلم صاع برّ ولا صاع حبّ». ويشهد له ما أخرجه مسلم ٢٩٧٦ والترمذي ٢٣٥٨ وابن ماجة ٣٣٤٣ عن أبي هريرة قال : ما أشبع رسول الله صلىاللهعليهوسلم أهله ثلاثة أيام تباعا من خبز البرّ حتى فارق الدنيا.
(٩٥) صدره ضعيف ، وعجزه صحيح بشاهده. أخرجه الطبراني في «الكبرى» ٣٠٠٤ وأبو نعيم في «الحلية» ١ / ٢٧٧ من حديث حذيفة ، وإسناده ضعيف. قال الهيثمي في «المجمع» ١٠ / ٢٨٥ : وفيه من لم أعرفه.
ـ ويشهد لعجزه ما أخرجه الترمذي ٢٠٣٦. وأحمد في «الزهد» ١٧ والحاكم ٤ / ٢٠٧ و ٤ / ٣٠٩ وابن حبان ٦٦٩ عن قتادة بن النعمان ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إذا أحبّ الله عبدا حماه الدنيا كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء». وإسناده على شرط مسلم ، وصححه الحاكم ، ووافقه الذهبي.
(٩٦) لا أصل له. عزاه لأبي صالح عن ابن عباس ، وأبو صالح متروك في روايته عن ابن عباس ، ورواية أبي صالح
__________________
(١) الرّوم : رام الشيء ، طلبه. القذى : ما يقع في العين وترمى به والقذى : إذا سكت على الذل والضيم.