عند أبي العباس ومرساها من أرساها ، ومرساها من رست أي ثبتت ووقعت ، ومنه (وَقُدُورٍ راسِياتٍ) [سبأ : ١٣]. قال قتادة : أي ثابتات. (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) ابتداء وخبر. (لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) مصدر في موضع الحال. (يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها) قال أبو جعفر : قد ذكرنا قول أهل التفسير إن المعنى على التقديم والتأخير ، وقال محمد بن يزيد المعنى يسألونك كأنك حفيّ بالمسألة عنها أي ملحّ يذهب إلى أنه ليس فيه تقديم ولا تأخير يقال : أحفى في المسألة وفي الطلب فهو محفي وحفيّ على التكثير مثل مخصب وخصيب. (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ) ليس هذا تكريرا ولكن أحد العلمين لوقوعها ، والآخر لكنها.
(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلاَّ ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (١٨٨)
(ما شاءَ اللهُ) في موضع نصب بالاستثناء والمعنى إلّا ما شاء الله أن يملكني ، وأنشد سيبويه : [الطويل]
١٦٤ ـ مهما شاء بالناس يفعل (١)
(وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) من أحسن ما قيل فيه أن المعنى لو كنت أعلم الغيب ما يريد الله جلّ وعزّ مني من قبل أن يعرّفنيه لفعلته وقيل : لو كنت أعلم متى يكون لي النصر في الحرب لقاتلت فلم أغلب.
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (١٨٩)
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) ابتداء وخبر وقد ذكرناه (٢) وقد قيل : إن المعنى هو الذي خلقكم من آدم عليهالسلام ثم جعل منه زوجه إخبار. (فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً) كل ما كان في الجوف فهو حمل بالفتح وإذا كان على الظهر فهو حمل ، وما كان في النخلة فهو حمل بالفتح. وقد حكى يعقوب في حمل النخلة الكسر. قال الأخفش : (فَلَمَّا أَثْقَلَتْ) صارت ذات ثقل كما تقول : أثمر النخل. (لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً) أي سويا.
__________________
(١) الشاهد للأسود بن يعفر في ديوانه ٥٦ ، وسمط اللآلي ٩٣٥ ، والكتاب ٢ / ٢٥٤ ، وشرح أبيات سيبويه ١ / ٤٦٤ ، وشرح التصريح ٢ / ١٩٠ ، ونوادر أبي زيد ١٥٩ ، وبلا نسبة في المقرب ١ / ١٨٨ ، وتمامه :
«ألا هل لهذا الدهر من متعلّل |
|
عن الناس ، مهما شاء بالناس يفعل» |
(٢) مرّ في إعراب الآية ١٧٢.