(وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَنَمِيرُ أَهْلَنا وَنَحْفَظُ أَخانا وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) (٦٥)
(ما نَبْغِي) «ما» في موضع نصب ، والمعنى ـ والله أعلم ـ أي شيء نبغي بتعريفنا إياك فإن الملك قد برنا و (هذِهِ بِضاعَتُنا) تدلّ على ذلك إذ (رُدَّتْ إِلَيْنا) ، وروي عن علقمة (رُدَّتْ إِلَيْنا) (١) بكسر الراء ؛ لأن الأصل فيه رددت فلما أدغم قلب حركة الدال على الراء كما يقال : «بيع» في المعتلّ ، وقد حكى قطرب في ضرب زيد «ضرب». (وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ) أي يخرج أخونا على بعير فيكال له عليه (ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ) في معناه قولان : أحدهما يسير على الملك أي سهل ، والآخر ذلك الذي جئنا به كيل يسير لا يكفينا فنحن نحتاج أن يخرج أخونا معنا حتى يزداد.
(قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) (٦٦)
(إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) في موضع نصب. قال أبو إسحاق : المعنى إلّا لإحاطة بكم قال : وهذا يحقّق الجزاء كقولك : ما جئتني إلا لأخذ الدراهم وإلّا أن تأخذ الدراهم. (قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) أي حافظ للحلف.
(وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (٦٧)
(وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ) أصحّ ما قيل فيه أنه خاف أن يدخلوا جميعا فيبلغ الملك الأعظم أمرهم فيلحقهم منه مكروه أو يحسدهم من رآهم مجتمعين ، ولا معنى للعين هاهنا لأن بعده (وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) لأنه إن صحّ ما يكون يعقب العين فهو من الله جلّ وعزّ.
(وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٦٨)
ويدلّك على هذا (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ).
(إِلَّا حاجَةً) استثناء ليس من الأول. (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ) أي بأمر دينه (وَلكِنَّ
__________________
(١) وهي قراءة يحيى بن وثاب والأعمش أيضا ، انظر البحر المحيط ٥ / ٣٢١.