(مَعْدُودَةٍ) نعت. (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) قال أبو إسحاق : ليست «فيه» داخلة في الصلة ولكنها تبيين أي زهادتهم فيه ، وحكى سيبويه والكسائي زهدت فيه وزهدت بكسر الهاء وفتحها.
(وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٢١)
(وَكَذلِكَ) الكاف في موضع نصب. (مَكَّنَّا لِيُوسُفَ) أي بأن عطفنا قلب الملك الذي اشتراه عليه حتى تمكّن من الأمر والنهي في البلد الذي الملك مستول عليه. (وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) نصب بلام كي ، ولا بد من أن يتعلق بفعل فالتقدير : ولنعلمه من تأويل الأحاديث مكنّاه ، والمعنى : مكناه لنوحي إليه بكلامنا ونعلّمه تأويله وتفسيره وتأويل الرؤيا. وتم الكلام. ثم قال الله عزوجل : (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ) أي يفعل ما يشاء في خلقه لا يقدر أحد على منعه ولا غلبته ، وليس هذا للمخلوقين فهذا معنى غالب على أمره.
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) (٢٢)
(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ) هو جمع عند سيبويه (١) واحده شدّة ، وقال الكسائي : واحده شدّ كما قال : [الكامل]
٢٣٠ م ـ عهدي به شدّ النّهار كأنّما |
|
خضب البنان ورأسه بالعظلم (٢) |
وزعم أبو عبيدة (٣) أنه لا واحد له من لفظه عند العرب. ومعناه استكمال القوة ثم يكون النقصان بعد ، وقال مجاهد وقتادة الأشدّ ثلاث وثلاثون سنة ، وقال ربيعة وزيد بن أسلم ومالك بن أنس الأشدّ بلوغ الحلم. (آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) قيل : معناه جعلناه المستولي على الحكم فكان يحكم في سلطان الملك ، وآتيناه علما بالحكم.
(وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (٢٣)
(وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ) وهي امرأة الملك. (وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ) غلّق
__________________
ـ وتخليص الشواهد ١٦٩ ، وجمهرة اللغة ٧٤١ ، ورصف المباني ١٢ ، وسرّ صناعة الإعراب ٢ / ٧٦٩ ، وشرح الأشموني ٢ / ٣٣٧ ، ولسان العرب (قطرب) و (سحج) و (نقد) و (صنع) ، والمقتضب ٢ / ٢٥٨ ، والممتع في التصريف ١ / ٢٠٥.
(١) انظر الكتاب ٤ / ٦٠.
(٢) الشاهد لعنترة في ديوانه ص ٢١٣ ، ولسان العرب (شدد) ، وتاج العروس (شدد).
(٣) انظر مجاز القرآن ١ / ٣٠٥.