(الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) (٦٣)
(الَّذِينَ آمَنُوا) في موضع نصب على البدل من اسم «إنّ» وإن شئت على أعني والرفع على إضمار مبتدأ وعلى البدل من الموضع وعلى الابتداء ، وخبره (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) وفيه قول رابع قال الكسائي : يكون النعت تابعا للمضمر في الفعل. قال الفراء (١) : هذا خطأ لأن المضمر لا ينعت بالمظهر. قال أبو جعفر : أما قوله المضمر لا ينعت بالمظهر فصواب ولكن يجوز أن يكون الكسائي أراد أن هذا الذي يكون نعتا تابعا للمضمر كما يقول البصريون بدل لأن الكوفيين لا يأتون بهذه اللفظة أعني البدل. قال أبو جعفر : وقد ذكرنا معنى (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) وقد قيل في الحياة الدنيا عند الموت وفي الآخرة إذا خرجوا من قبورهم ، وقبل : هو قوله جلّ وعزّ (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ) [التوبة : ٢١] الآية ويدلّ على هذا (لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ).
(وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٦٥)
(وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) تمّ الكلام ثم قال (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) نصب على الحال.
(مَتاعٌ فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) (٧٠)
قال الكسائي : (مَتاعٌ فِي الدُّنْيا) أي ذلك متاع أو هو متاع في الدنيا. قال أبو إسحاق : ويجوز النصب في غير القرآن. (ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) أي بكفرهم.
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللهِ فَعَلَى اللهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) (٧١)
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ) حذفت الواو لأنه أمر. (إِذْ) في موضع نصب (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) بقطع ألف الوصل ونصب الشركاء هذه قراءة أكثر الأئمة. وقرأ عاصم الجحدريّ (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ) من جمع يجمع (وَشُرَكاءَكُمْ) نصب ، وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وعيسى ويعقوب فأجمعوا أمركم وشركاؤكم (٢) بقطع الألف ورفع الشركاء. القراءة الأولى من أجمع على الشيء يجمع إذا عزم عليه وفي نصب الشركاء على هذه القراءة ثلاثة أقوال : قال الفراء (٣) أجمع الشيء أي عدّه ، وقال الكسائي
__________________
(١) انظر معاني الفراء ١ / ٤٧١.
(٢) انظر معاني الفراء ١ / ٤٧٣ ، والبحر المحيط ٥ / ١٧٧.
(٣) انظر معاني الفراء ١ / ٤٧٣.