وهذا اللبس بأن يكون يطلق لبعضهم أن يحارب بعضا أو يريهم آية يتفرقون عندها فيروا شيعا ، و (شِيَعاً) نصب على الحال أو المصدر ، وقيل : معنى يلبسكم شيعا يقوّي عدوكم حتى يخالطكم فإذا خالطكم فقد لبسكم فرقا (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) بالحرب.
(وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (٦٦) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) (٦٧)
(قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ) لم أومر أن أحفظكم من التكذيب والكفر.
روي عن ابن عباس (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ) أي لكل خبر حقيقة.
(وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٦٨)
(وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا) التقدير وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا بالتكذيب والردّ والاستهزاء. (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) منكرا عليهم. (حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) فأدّب الله جلّ وعزّ نبيه فهذا صلىاللهعليهوسلم لأنه كان يقعد إلى قوم من المشركين يعظهم ويدعوهم فيستهزءون بالقرآن فأمره الله عزوجل أن يعرض عنه إعراض منكر ولا يقبل عليه وكان في هذا ردّ في كتاب الله عزوجل على من زعم أن الأئمة الذين هم حجج واتباعهم لهم أن يخالطوا الفاسقين ويصوبوا آراءهم تقية ، وقرأ عبد الله بن عامر (وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ) (١) على التكثير.
(وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (٦٩)
(وَلكِنْ ذِكْرى) في موضع نصب على المصدر ويجوز أن تكون في موضع رفع بمعنى «ولكن الذي يفعلونه ذكرى» أي ولكن عليهم ذكرى ، وقال الكسائي : المعنى ولكن هذه ذكرى.
(وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) (٧٠)
(وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ) في موضع نصب أي كراهة أن تبسل. (بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) في موضع نصب على خبر كانوا.
(قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللهُ كَالَّذِي
__________________
(١) انظر تيسير الداني ٨٥ ، والبحر المحيط ٤ / ١٥٧.