كما تقول : فلان يحبّ أن يركب ويحبّ الركوب وقال غيره : التقدير لأن يفترى وقال الفراء : المعنى وما ينبغي لهذا القرآن أن يفترى ، وقال غيره : المعنى ما كان لأحد أن يأتي بمثل هذا القرآن من عند غير الله ثم ينسبه إلى الله لإعجازه لرصفه ومعانيه وتأليفه. (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) قال الكسائي والفراء(١) ومحمد بن سعدان : التقدير : ولكن كان تصديق الذي بين يديه ويجوز عندهم الرفع بمعنى ولكن هو تصديق ، وكذا (وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ).
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٣٨)
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) بمعنى بل ، وفيه معنى التقدير لإقامة الحجّة عليهم.
(بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) (٣٩)
(بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ) أي كذّبوا به وهم جاهلون بمعانيه وتفسيره وعليهم أن يعملوا ذلك بالسؤال (وَلَمَّا يَأْتِهِمْ) أي كذّبوا به ولم يعرفوا تفسيره وقيل : ولم يأتهم ما يؤول إليه أمره : (كَذلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي كذا كانت سبيلهم والكاف في موضع نصب. (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) «كيف» في موضع نصب خبر كان.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ) (٤٠)
(وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ) أي في المستقبل و «من» في موضع رفع بالابتداء وكذا (وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ) والمعنى ومنهم من يصرّ على كفره فأعلم الله جلّ وعزّ إنما أخّر عنهم العقوبة لأن منهم من سيؤمن (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ) أي بمن يصرّ على الكفر.
(وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) (٤١)
(وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي) رفع بالابتداء والمعنى لي جزاء عملي وكذا (وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) مثله.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ) (٤٢)
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ) على المعنى.
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ) (٤٣)
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ) على اللفظ.
__________________
(١) انظر معاني الفراء ١ / ٤٦٥.