الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١٠٠)
(قُرُباتٍ) الواحدة قربة والجمع قرب وقربات وقربات وقد ذكرنا علله. قال أبو جعفر : قال الأخفش : ويقال : قربة. وحكى ابن سعدان أن يزيد بن القعقاع قرأ (أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ) (١).
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) (٢) رفعا عطفا على السابقين. قال الأخفش : الخفض في الأنصار الوجه لأنه السابقين منهما. (أَبَداً) ظرف زمان (ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) ابتداء وخبر.
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) (١٠١)
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ) ابتداء أي قوم منافقون. وقد ذكرنا أنّ المنافق مشتقّ من النافقاء ، وفي الحديث «المنافق الذي إذا حدّث كذّب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان» (٣). (وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ) يكون قولك مردوا نعتا للمنافقين ، ويجوز أن يكون تقديره ومن أهل المدينة قوم مردوا على النفاق.
(خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١٠٣)
(خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) وهي الزكاة المفروضة فيما روي وفيها خمسة أوجه : قال أبو إسحاق : الأجود أن تكون المخاطبة للنبي صلىاللهعليهوسلم أي فإنك تطهّرهم وتزكّيهم بها ، ويجوز أن يكون في موضع الحال. قال الأخفش : ويجوز أن تكون للصدقة ، ويكون (اتَّبَعُوهُمْ) توكيدا ، ويجوز أن يكون تطهّرهم للصدقة وتزكّيهم للنبي صلىاللهعليهوسلم ، والوجه الخامس أن تجزم على جواب الأمر كما قال امرؤ القيس : [الطويل]
١٩٢ ـ قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان (٤)
__________________
(١) انظر البحر المحيط ٥ / ٩٦.
(٢) انظر البحر المحيط ٥ / ٩٦ ، وهذه قراءة الحسن وعيسى الكوفي وسلام وسعيد بن أبي سعيد وطلحة ويعقوب والأنصار جميعا.
(٣) أخرجه الترمذي في سننه باب الإيمان ١٠ / ٩٧.
(٤) الشاهد لامرئ القيس في ديوانه ١٧٣ (دار صادر) وعجزه :
«ورسم عفت آياته منذ أزمان»