(صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ) (١٣٨)
(صِبْغَةَ اللهِ) قال الأخفش : أي دين الله ، قال : وهي بدل من ملّة. قال أبو جعفر : وهو قول حسن لأن أمر الله جلّ وعزّ ونهيه ودلائله مخالطة للمعقول كما يخالط الصبغ الثوب.
(قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ وَلَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ) (١٣٩)
(قُلْ أَتُحَاجُّونَنا فِي اللهِ) جاز اجتماع حرفين من جنس واحد متحركين لأن الثاني كالمنفصل ، وقرأ ابن محيصن قل أتحاجّونّا (١) مدغما ، وهذا جائز إلّا أنه مخالف للسواد وقد جمع أيضا بين ساكنين وجاز ذلك لأن الأول حرف مدّ ولين ، ويجوز أن تدغم ويومأ إلى الفتحة كما قرئ (لا تَأْمَنَّا) [يوسف : ١١] بإشمام الضمّة ، ويجوز «أتحاجّونا» بحذف النون الثانية كما قرأ نافع (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) [الحجر : ٥٤].
(أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (١٤٠)
قالوا : قرأ الكسائي (أَمْ تَقُولُونَ) (٢) بالتاء ، وهي قراءة حسنة لأن الكلام متسق أي أتحاجوننا أم تقولون ، والقراءة بالياء من كلامين وتكون «أم» بمعنى «بل». قال الأخفش : كما تقول إنها لأبل أم شاء. وكسرت «إنّ» لأن الكلام محكيّ والأسباط من ولد يعقوب بمنزلة القبائل من ولد إسماعيل ، (هُوداً) خبر كان وخبر «إنّ» في الجملة ويجوز في غير القرآن رفع هود على خبر «إنّ» وتكون كان ملغاة.
تمّ الجزء الأول (٣) من كتاب «إعراب القرآن» والحمد لله رب العالمين وصلى الله على النبي محمد وعلى آله الكرام الأبرار وسلم.
قال أبو جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل في قوله عزوجل :
(سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (١٤٢)
(سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ) جمع سفيه والنساء سفايه ، (ما وَلَّاهُمْ) «ما» اسم تام في موضع رفع بالابتداء وولّاهم في موضع الخبر.
__________________
(١) انظر مختصر في شواذ القرآن ١٠ ، والبحر المحيط ١ / ٥٨٥ ، وهي قراءة زيد بن ثابت والحسن والأعمش أيضا.
(٢) انظر البحر المحيط ١ / ٥٨٦.
(٣) حسب تقسيم المؤلف.