كما جاز في «ردّ» لأنها لا تتصرّف. و (أَنْتُمْ) في موضع رفع بالابتداء ولا يعرب المضمر وضممت التاء من أنتم لأنها كانت مفتوحة إذا خاطبت واحدا مذكرا ومكسورة إذا خاطبت واحدة مؤنّثة فلما ثنّيت وجمعت لم تبق إلّا الضّمة ، (هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ) قال القتبي (١) : التقدير : يا هؤلاء. قال أبو جعفر : هذا خطأ على قول سيبويه (٢) لا يجوز عنده : هذا أقبل ، وقال أبو إسحاق (٣) : «هؤلاء» بمعنى الذين ، وتقتلون داخل في الصلة أي ثم أنتم الذين تقتلون ، وسمعت عليّ بن سليمان يقول : سمعت محمد بن يزيد يقول : أخطأ من قال انّ «هذا» بمعنى «الذي» وإن كان قد أنشد : [الطويل]
٢٥ ـ عدس ما لعبّاد عليك إمارة |
|
نجوت وهذا تحملين طليق (٤) |
قال : فإنّ هذا بطلان المعاني قال أبو الحسن : هذا على بابه و «طليق» و «تحملين» خبر أيضا ، قال أبو جعفر : يجوز أن يكون التقدير والله أعلم أعني هؤلاء و «تقتلون» : خبر «أنتم» ، «أنفسكم» : مفعوله ، ولا يجيز الخليل وسيبويه أن يتصل المفعول في مثل هذا لا يجيزان : ضربتني ولا ضربتك. قال سيبويه : استغنوا عنه بضربت نفسي وضربت نفسك ، وقال أبو العباس : لم يجز هذا لئلا يكون المخاطب فاعلا مفعولا في حال واحدة. تظّاهرون عليهم هذه قراءة أهل المدينة وأهل مكة تدغم التاء في الظاء لقربها منها ، وقرأ الكوفيون (تَظاهَرُونَ) (٥) حذفوا التاء الثانية لدلالة الأولى عليها ، وقرأ قتادة تظّهرون قال أبو جعفر : وهذا بعيد وليس هو مثل قوله : يظّهّرون منكم من نسائهم [المجادلة : ٢] لأن معنى هذا أن يقول لها : أنت عليّ كظهر أمّي ، فالفعل في هذا من واحد ، وقوله تظّاهرون الفعل فيه لا يكون إلّا من اثنين أو أكثر. (وَإِنْ يَأْتُوكُمْ) شرط فلذلك حذفت منه النون ، «تفادوهم» جوابه (٦) ، (أُسارى) على فعلى هو الباب
__________________
(١) القتبي : أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة (ت ٢٧٦ ه) ، ترجمته في طبقات الزبيدي ٢٠٠.
(٢) انظر الكتاب ٢ / ٢٣٤.
(٣) انظر إعراب القرآن ومعانيه للزجاج ١٣٧ ، ومعاني القرآن للفراء ٢ / ١٧٧.
(٤) الشاهد ليزيد بن مفرّغ في ديوانه ص ١٧٠ ، وأدب الكاتب ص ٤١٧ ، والإنصاف ٢ / ٧١٧ ، وتخليص الشواهد ص ١٥٠ ، وتذكرة النحاة ص ٢٠ ، وجمهرة اللغة ص ٦٤٥ ، والدرر ١ / ٢٦٩ ، وشرح التصريح ١ / ١٣٩ ، وشرح شواهد المغني ٢ / ٨٥٩ ، وشرح المفصّل ٤ / ٧٩ ، والشعر والشعراء ١ / ٣٧١ ، ولسان العرب (حدس ، وعدس) ، والمقاصد النحوية ١ / ٤٤٢ ، وبلا نسبة في أمالي بن الحاجب ص ٣٦٢ ، وأوضح المسالك ١ / ١٦٢ ، وخزانة الأدب ٤ / ٣٣٣ ، وشرح الأشموني ١ / ٧٤ ، وشرح شذور الذهب ص ١٩٠ ، وشرح قطر الندى ١٠٦ ، وشرح المفصل ٢ / ١٦ ، والمحتسب ٢ / ٩٤ ، ومغني اللبيب ٢ / ٤٦٢ ، وهمع الهوامع ١ / ٨٤.
(٥) وهي قراءة عاصم وصخرة والكسائي ، انظر البحر المحيط ١ / ٤٥٩.
(٦) انظر تيسير الداني ٦٤.