(وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) (١١)
(وَإِذا) في موضع نصب على الظرف. (قِيلَ لَهُمْ) فعل ماض ، ويجوز (قِيلَ لَهُمْ) بالإدغام. وجاز الجمع بين ساكنين لأن الياء حرف مدّ ولين والأصل : قول ألقيت حركة الواو على القاف فانكسر ما قبل الواو فقلبت ياء. قال الأخفش : ويجوز قيل بضم القاف وبالياء ، ومذهب الكسائي إشمام القاف الضّم ليدلّ على أنّه لما لم يسمّ فاعله وهي لغة كثير من قيس ، فأما هذيل وبنو دبير (١) من بني أسد وبنو فقعس فيقولون : قول بواو ساكنة «لهم» الهاء والميم خفض باللام (٢). (لا تُفْسِدُوا) جزم بلا وعلامة الجزم حذف النون. (فِي الْأَرْضِ) خفض بفي ، وإن خفّفت الهمزة ألقيت حركتها على اللام وحذفتها ولم تحذف ألف الوصل لأن الحركة عارضة فقلت : الأرض ، وحكى الكسائي أللرض لمّا خفّفت الهمزة فحذفها أبدل منها لاما. قال الفراء : لمّا خفّفت الهمزة تحركت اللام فكره حركتها لأنّ أصلها السكون زاد عليها لاما أخرى ليسلم السكون. (قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ) ابتداء وخبر ، و «ما» عند سيبويه (٣) كافّة لأنّ عن العمل ، فأما ضمّ «نحن» ففيه أقوال للنحويين قال هشام (٤) : الأصل نحن قلبت حركة الحاء على النون وأسكنت الحاء ، وقال محمد بن يزيد : نحن مثل قبل وبعد لأنها متعلقة بالإخبار عن اثنين وأكثر قال أحمد بن يحيى : هي مثل حيت تحتاج إلى شيئين بعدها. قال أبو إسحاق الزجاج(٥) : «نحن» للجماعة ومن علامة الجماعة الواو ، والضمة من جنس الواو فلما اضطروا إلى حركة نحن لالتقاء الساكنين حرّكوها بما يكون للجماعة قال : ولهذا ضمّوا واو الجمع في قول (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) [البقرة : ١٦] وقال عليّ بن سليمان : نحن يكون للمرفوع فحرّكوها بما يشبه الرفع.
(أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) (١٢)
(أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ) كسرت «إنّ» لأنها مبتدأة. قال عليّ بن سليمان : يجوز فتحها كما أجاز سيبويه (٦) : حقا أنّك منطلق بمعنى «ألا» والهاء والميم اسم «إنّ» و «هم» مبتدأ و «المفسدون» خبر المبتدأ ، والمبتدأ وخبره خبر «إنّ» ويجوز أن يكون «هم»
__________________
(١) بنو دبير : بطن من أسد من خزيمة من العدنانية (جمهرة أنساب العرب ١٩٥).
(٢) انظر : البحر المحيط ١ / ١٩١.
(٣) انظر الكتاب ٣ / ١٤٩.
(٤) هشام بن معاوية الضرير يكنى أبا عبد الله ، صاحب الكسائي. (ت ٢٠٩ ه) ترجمته في غاية النهاية ٢ / ٣٥٤.
(٥) انظر إعراب القرآن ومعانيه للزجاج ٥١.
(٦) انظر الكتاب ٣ / ١٤٠.