فأمّا قتال فيه بالرفع فغامض في العربية. والمعنى فيه يسألونك عن الشهر الحرام أجائز قتال فيه فقوله : «يسألونك» يدلّ على الاستفهام كما قال : [الطويل]
٤٩ ـ أصاح ترى برقا أريك وميضه |
|
كلمع اليدين في حبي مكلّل (١) |
فالمعنى أترى برقا فحذف ألف الاستفهام لأن الألف التي في أصاح بدل منها وتدلّ عليها وإن كانت حرف النداء وكما قال (٢) : [المتقارب]
٥٠ ـ تروح من الحيّ أم تبتكر
والمعنى : أتروح فحذف الألف لأن أم تدلّ عليها. (قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ) ابتداء وخبر. (وَصَدٌّ) ابتداء. (عَنْ سَبِيلِ اللهِ) خفض بعن. (وَكُفْرٌ بِهِ) عطف على صدّ. (وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ) عطف على سبيل الله. (وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ) عطف على صدّ وخبر الابتداء. أكرم عند الله و (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) ابتداء وخبر أي أعظم إثما من القتال في الشهر الحرام ، وقيل : في المسجد الحرام عطف على الشهر أي ويسألونك عن المسجد فقال تعالى وإخراج أهله منه أكبر عند الله وهذا لا وجه له لأن القوم لم يكونوا في شكّ من عظيم ما أتى المشركون إلى المسلمين في إخراجهم من منازلهم بمكة فيحتاجوا إلى المسألة عنه هل كان ذلك لهم ، ومع ذلك فإنه قول خارج عن قول العلماء لأنهم أجمعوا أنها نزلت في سبب قتل ابن الحضرمي (٣).
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢١٨)
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) اسم إن. (وَالَّذِينَ هاجَرُوا) عطف عليه : (أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ) ابتداء وخبر في موضع خبر إنّ.
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) (٢١٩)
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) هذه قراءة أهل الحرمين وأبي
__________________
ـ المعاني ٢ / ١٧٥ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٧٩٢ ، وشرح المفصل ٣ / ٦٥ ، والشعر والشعراء ٢ / ٧٣٢ ، والكتاب ١ / ٢٠٨ ، ولمرداس بن عبدة في الأغاني ١٤ / ٨٦.
(١) الشاهد للأسود بن يعفر في ديوانه ص ٥٧ ، وشرح المفصّل ١ / ٤٦ ، ولسان العرب (خلد) ، و (حجا) ، ونوادر أبي زيد ص ١٦٠ ، ولامرئ القيس في ديوانه ص ٢٤ ، ولسان العرب (كلل) ، وبلا نسبة في الاشتقاق ص ٢٤٤ ، وإصلاح المنطق ص ٤٠٣ ، وأمالي ابن الحاجب ص ٣٢٨ ، وجمهرة اللغة ص ٤٤٢ ، ٦٥٧ ، ١٠٣٧.
(٢) مرّ الشاهد رقم (٧).
(٣) ابن الحضرميّ : هو عمرو بن الحضرمي وهو أول قتيل من المشركين (البحر المحيط ٢ / ١٥٥).