المسألة الثّامنة والثلاثون
فى
أن التمسك بالدلائل اللفظية
هل يفيد اليقين أم لا؟
وقبل الخوض فى هذا المطلب ، يجب أن يعلم : أن الدليل اما أن بكون عقليا بجميع مقدماته ، أو نقليا بجميع مقدماته ، أو يكون مركبا من القسمين.
أما (القسم الأول ـ وهو) ان كان عقليا بجميع مقدماته فان كانت جميع مقدماته يقينية ، كانت النتيجة أيضا يقينية. اذ اللازم عن المقدمات الحقة لزوما حقا ، لا بدّ أن يكون حقا. وأما ان كانت المقدمات باسرها ظنية ، أو كان بعضها يقينيا ، وبعضها ظنيا ، كانت النتيجة لا محالة ظنية لأن الفرع لا يكون أقوى من الأصل فاذا كان الأصل بكليته أو ببعض أجزائه ظنيا ، كان الفرع أولى بأن يكون كذلك.
وأما القسم الثانى ـ وهو الدليل الّذي يكون نقليا بجميع مقدماته ـ فهذا محال. لأن الاستدلال بالكتاب والسنة موقوف على العلم بصدق الرسول. وهذا العلم لا يستفاد من الدلائل النقلية. والا وقع الدور ، بل هو مستفاد من الدلائل العقلية. ولا شك أن هذه المقدمة أحد الأجزاء المعتبرة فى صحة ذلك الدليل النقلى فثبت : أن الدليل الّذي يكون نقليا بجميع مقدماته محال باطل.
وأما القسم الثالث ـ وهو الدليل الّذي يكون بعض مقدماته عقليا وبعضها نقليا ـ فهذا أكثر.
اذا عرفت هذه المقدمة ، فنقول : اختلف العقلاء فى أن التمسك بالدلائل النقلية ، هل يفيد اليقين أم لا؟ قال قوم : انه لا يفيد اليقين