ألا تدلّ هذه الفقرات على أنّ الصبية البريئة (أُمّ كلثوم) قد فهمت مطامع غريزية في نفس الخليفة ، حاول تبريرها والإغماض عنها والتعتيم عليها بُعيض الناس لاحقاً؟!
وهل تساءلتَ أخي القارئ عن سنّ هذه الطفلة في ذلك التاريخ؟!
وهل كانت ممّا يُطمع فيها أم لا؟!
فلو قبلنا بولادتها في آخر عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، يكون عمرها حينما أرسلها الإمام عليّ (عليه السلام) ـ حسب نصّ الطبري وغيره ـ في حدود السابعة ..
أمّا لو قلنا بولادتها في السنة السادسة من الهجرة ، فيكون عمرها حين الزواج إحدى عشرة سنة ، وهي ممّا يُطمع فيها ، ويصحّ الزواج منها (١).
وبنظرنا أن كلا الفرضين يسيئان إلى الخليفة عمر بأضعاف ما يسيئان إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ..
فلو قلنا ببلوغها ، وأنّ الإمام عليّاً أرسلها بعد البلوغ ، فذلك مخالف للشرع الأقدس ، فضلاً عن أنّ غيرة الإنسان العربي تأبى أن يزيّن رجل ابنته ويرسلها إلى مَن يطمع فيها ، ثمّ يستمع بعد ذلك إلى نقل البنت وهي تحكي عن الرجل ، وأنّه كشف عن ساقها ، وقبّلها ، وضمّها إلى صدره ، فألف ضربة على جسد مسلم غيور ، كعليّ بن أبي طالب ، أهون من القول بهذا الكلام المزري.
أمّا لو قلنا بأنّها كانت صبية (٢) ـ حسب ما قالته المصادر ـ فهي
____________
(١) سير أعلام النبلاء ٣ / ٥٠٠.
(٢) مرّ عليك كلام الإمام علي : «إنّها لم تبلغ» ، أو : «لأنّها صغيرة» أو : «إنّها صبية» ، إلى غيرها من النصوص الدالّة على صغرها.