أخلاقيات الفتوحات وانتشار الدين
ومع كلّ ما تقدّم من كون الفتوح الاِسلامية عهد من الرسول صلى الله عليه وآله ووصيّه حملها المسلمون ، وأنّ تفاصيلها الخطيرة المؤثّرة في الظفر والنصر كان صلى الله عليه وآله قد أودعها عليّاً عليه السلام بتوسّط العلوم اللدنية التي ورّثها إيّاه : «علّمني رسول الله ألف باب يفتح من كلّ باب ألف باب» ..
ومع كون أصل الفتوح انتشاراً لصـورة الدين في أرجاء المعمورة إلى الحدود الجغرافية التي انتهت إليها الفتوح ، إلاّ أنّ الممارسات التي اعتمدتها خلافة الشـيخين ـ فضلاً عن العيث والعبث والخضم الذي مارسه الثالث ، وفضلاً عمّا فعله بني أُمية وبني العبّـاس ـ في كيفية فتوح البلدان ، وما تلاها من كيفية إقامة نظام الحكم فيها ، حالت دون مواصلة انتشار الاِسلام إلى غيرها من البلدان ، وإلى باقي أرجاء المعمورة.
وكان هذان البعدان وهاتان السياستان حائلاً أمام وصول الاِسلام لشعوب الأرض كافّة وتحقّق الوعد الاِلهي : (ليظهره على الدين كلّه) ، وسـدّاً كثيفاً مانعاً من نفوذ شعاع نوره إلى نفوس البشرية ، فكانت الكيفيّتان سدوداً اقترنت بالفتوحات.
فهنا محطّات لا بُدّ من الوقوف عندها ؛ كي يُستوفى الاِمعان والتدبّر في تحليل هذه الحقبة وما عليه المسلمون حالياً من أوضاع ..