يفترقوا على ثلاث فرق : فرقة تقيم في ديارهم يكونوا حرساً لهم يدفعون عن حريمهم ، والفرقة الثانية في المساجد يعمرونها بالأذان والصلاة ؛ لكي لا تعطّل الصلاة ، ويأخذون الجزية من أهل العهد ؛ لكي لا ينتقضوا عليك ، والفرقه الثالثة يسيرون إلى إخوانهم من أهل الكوفة ، ويصنع أهل الكوفة كصنع أهل البصرة ، ثمّ يجتمعون ويسيرون إلى عدوّهم فإنّ الله عزّ وجلّ ناصرهم عليهم ومظفرهم بهم ، فثق بالله ولا تيأس من روح الله ، (إنّه لاييأس من روح الله إلاّ القوم الكافرون) (١).
قال : فلمّا سمع عمر مقالة عليّ كرّم الله وجهه ومشورته أقبل على الناس وقال : ويحكم! أعجزتم كلّكم عن آخركم أن تقولوا كما قال أبوالحسن ، والله! لقد كان رأيه رأيي الذي رأيته في نفسي!!!
ثمّ أقبل عليه عمر فقال : يا أبا الحسن! فأشر علَيّ الآن برجل ترتضيه ويرتضيه المسلمون أجعله أمير وأستكفيه من هؤلاء الفرس.
فقال عليّ عليه السلام : قد أصبته.
قال عمر : ومَن هو؟
قال : النعمان بن مقرن المزني.
فقال عمر وجميع المسلمين : أصبت يا أبا الحسن! وما لها من سـواه» (٢).
ومعركة نهاوند تعدّ المعركة المصيرية في مواجهة المسلمين مع دولة كسرى ؛ ففي فتوح البلدان للبلاذري : «إنّ ذلك الفتح هو فتح الفتوح» (٣).
____________
(١) سورة يوسف ١٢ : ٨٧.
(٢) كتاب الفتوح ٢ / ٢٩٥.
(٣) فتوح البلدان ٢ / ٣٧٤.