عند بعثة خاتم النبيّـين من مكّة ، ولذلك هاجروا من بلاد الشام واستوطنوا الحجاز انتظاراً لبعثة النبيّ صلى الله عليه وآله ..
وقد أشار القرآن الكريم إلى ذلك : (ولمّا جاءهم كتاب من عند الله مصدّقٌ لِما معهم وكانوا من قبلُ يستفتحون على الّذين كفروا فلمّا جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين) (١) ، بل قد ذكرت كتب السير والتاريخ أنّ اليهود ـ مع ذلك ـ كانت تترصّد اغتيال أجداد وآباء النبيّ صلى الله عليه وآله.
فمن كلّ ذلك يتبيّن أنّ خبر المستقبل كان متفشيّاً منتشراً في أرجاء مكّة والحجاز ، فكيف لا تطمع قريش في نصيب المستقبل لو قُدّر وقوعه؟!
فكانت سياستها على نمطين : المواجهة المعلنة ، والاختراق لصفوف المسلمين ؛ لكي يعضد كلّ نمط النمط الآخر.
والقرآن الكريم يشير إلى حصول الاختراق في صفوف المسلمين منذ أوائل البعثة النبوية ، نجد ذلك في رابع سورة نزلت على الرسول صلى الله عليه وآله ، وهي سورة المدّثر : (وما جعلنا أصحاب النار إلاّ ملائكةً وما جعلنا عدّتَهم إلاّ فتنةً للّذين كفروا ليستَيْقن الّذين أُوتوا الكتابَ ويزداد الّذين آمنوا إيماناً ولا يرتابَ الّذين أُوتوا الكتابَ والمؤمنون وليقولَ الّذين في قلوبهم مرضٌ والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلاً كذلك يُضلّ الله مَن يشاءُ ويهدي مَن يشاء) (٢).
فهذا التقسيم القرآني فاضح لوجود فئة : (الّذين في قلوبهم
____________
(١) سورة البقرة ٢ : ٨٩.
(٢) سورة المدَّثِر ٧٤ : ٣١.