أثبت لعليّ عليه السلام جميع منازل هارون من موسى إلاّ النبوّة ، ومن منازله الخلافة والشركة في الأمر ، وذلك معنى الاِمامة.
أمّا إنّه أثبت له جميع منازل هارون من موسى إلاّ النبوّة ، فذلك ظاهر في كلامه ، حيث قال : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى» ثمّ استثنى النبوّة ، فدلّ ذلك على دخول سائر المنازل ؛ إذ من حقّ الاستثناء الحقيقي أن يخرج من الخطاب ما لولاه لوجب دخوله تحته.
وأمّا إنّ ذلك من منازله ، فيدلّ على ذلك : ما حكاه الله سبحانه عن موسـى عليه السلام بقوله : (وقال موسـى لأخيه هارون اخلُفْني في
____________
تنبيهان :
أحدهما : إنّ العموم في ما ذكر مختلف ، فالداخل على اسم الجنس يعمّ الأفراد ، أعني كلّ فرد فرد ، والداخل على الجمع يعمّ المجموع ؛ لأنّ الألف واللام والاِضافة يعمّان ما دخلا عليه.
ب : قال عضد الملّة والدين في كتابه شرح مختصر المنتهى ١ / ٢١٦ : ومنها ـ أيّ من صيغ العموم ـ اسم الجنس كذلك ، أيّ معرّفاً تعريف جنس.
ج : قال القرافي في كتابه شرح تنقيح الفصول : ١٧٩ : فمنها : كلّ ، جميع ... واسم الجنس إذا أُضيف ، والنكرة في سياق النهي ، فهذه عندنا للعموم.
العموم الثاني : الاستثناء :
أ : قال البيضاوي في منهاج الوصول ٢ / ١٠٧ : فقد ذكر علماء الأُصول أنّ المعيار للعموم هو جواز الاستثناء ، فإنّه يخرج ما يجب اندراجه لولاه.
ب : قال الاِسمندي في بذل النظر : ١٦٨ : ومن حقّ الاستثناء أن يخرج من اللفظ ما لولاه لوجب دخوله فيه ، فلولا أنّه يقتضي العموم لَما صحّ الاستثناء منه.
ج : قال أبو إسحاق الشيرازي في شرح اللمع ١ / ٩٩ فقرة ٣٨٢ : فأمّا الاستثناء فإنّه يوجب تخصيص اللفظ العام.
فإذاً من خلال هذين العمومين نقول : إنّ جميع ما كان ثابت لهارون عليه السلام من المهام والمناصب أثبته الرسول صلى الله عليه وآله إلى عليّ عليه السلام إلا ما أخرجه الدليل ، وهو النبوّة ؛ فعليّ عليه السلام ثابته بعد الرسول بلا فصل.