والعتل : السّوق بعنف وإهانة ودفع قوي متصل ، كما يساق أبدا مرتكب الجرائم ، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر : بضم التاء ، والباقون بكسرها ، وقد روي الضم عن أبي عمرو ، وكذلك روي الوجهان عن الحسن وقتادة والأعرج.
والسواء : الوسط ، وقيل المعظم وذلك متلازم في العظم أبدا من مثل هذا إنما هو في الوسط ، وفي الآية ما يقتضي أن الكافر يصب على رأسه من حميم جهنم ، وهو ما يغلى فيها من ذوب ، وهذا كما في قوله تعالى : (يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ) [الحج : ١٩] وإلى هذا نظر بعض ولاة المدينة فإنه كان يصب الخمر على رأس الذي شربها أو توجد عنده عقوبة له وأدبا ، ذكر ذلك ابن حبيب في الواضحة.
وقوله تعالى : (ذُقْ ، إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) مخاطبة على معنى هذا التقريع ، ويروى عن قتادة أن أبا جهل لما نزلت : (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ) [الدخان : ٤٣ ـ ٤٤] قال أيتهددني محمد وأنا ما بين جبليها أعزمني وأكرم ، فنزلت هذه الآيات ، وفي آخرها : (ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ) أي على قولك ، وهذا كما قال جرير :
ألم يكن في وسوم قد وسمت بها |
|
من خان موعظة يا زهرة اليمن |
يقولها للشاعر الذي سمى نفسه به ، وذلك في قوله :
أبلغ كليبا وأبلغ عنك شاعرها |
|
أني الأعز وأني زهرة اليمن |
فجاء بيت جرير على هذا الهزء.
وقرأ الجمهور : «إنك» بكسر الهمزة. وقرأ الكسائي وحده : «أنك» بفتح الألف ، والمعنى واحد في المقصد وإن اختلف المأخذ إليه ، وبالفتح قرأها على المنبر الحسين بن علي بن أبي طالب أسنده إليه الكسائي وأتبعه فيها.
وقوله تعالى : (إِنَّ هذا ما كُنْتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ) عبارة عن قول يقال للكفرة عند عذابهم ، أي هذه الآخرة وجهنم التي كنتم تشكون فيها. ثم ذكر تعالى حالة المتقين بعقب ذكر حالة الكافر ليبين الفرق.
وقرأ نافع وابن عامر : «في مقام» بضم الميم ، وهي قراءة أبي جعفر وشيبة وقتادة وعبد الله بن عمر بن الخطاب والحسن والأعرج. وقرأ الباقون : «في مقام» بفتحها ، وهي قراءة أبي رجاء وعيسى ويحيى والأعمش.
و : (أَمِينٍ) يؤمن فيه الغير ، فكأنه فعيل بمعنى مفعول ، أي مأمون فيه. وكسر عاصم العين من «عيون». قال أبو حاتم : وذلك مردود عند العلماء ، ومثله شيوخ وبيوت ، بكسر الشين والباء. والسندس :
رقيق الحرير. والإستبرق : خشينه.
وقرأ ابن محيصن : «وإستبرق» بالوصل وفتح القاف.