فيكون كتضرب ، ويحتمل أن يكون من أصليت ، فتكون كتكرم ، وقرأ بعض الناس : «تصلّى» بضم التاء وفتح الصاد وشد اللام على التعدية بالتضعيف ، حكاها أبو عمرو بن العلاء ، و «الحامية» ، المتوقدة المتوهجة ، و «الآنية» : التي قد انتهى حرها كما قال تعالى : (وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) [الرحمن : ٤٤] ، قاله ابن عباس والحسن ومجاهد ، وقال ابن زيد : معنى (آنِيَةٍ) : حاضرة لهم من قولك آن الشيء إذا حضر ، واختلف الناس في «الضريع» ، فقال الحسن وجماعة من المفسرين : هو الزقوم ، لأن الله تعالى قد أخبر في هذه الآية أن الكفار لا طعام لهم (إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) ، وقد أخبر أن الزقوم طعام الأثيم ، فذلك يقتضي أن الضريع الزقوم ، وقال سعيد بن جبير «الضريع» : الحجارة. وقال مجاهد وابن عباس وقتادة وعكرمة : «الضريع» شبرق النار ، وقال أبو حنيفة : «الضريع» الشبرق وهو مرعى سوء لا تعقد السائمة عليه شحما ولا لحما ، ومنه قول أبي عيزارة الهذلي : [الطويل]
وحبسن في هزم الضريع فكلها |
|
جرباء دامية اليدين حرود |
وقال أبو ذؤيب :
رعى الشبرق الريان حتى إذا ذوى |
|
وعاد ضريعا بان منه الخائض |
وقيل «الضريع» : العشرق. وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «الضريع» : شوك في النار ، وقال بعض اللغويين : «الضريع» يبيس العرفج إذا تحطم ، وقال آخرون : هو رطب العرفج ، وقال الزجاج : هو نبت كالعوسج ، وقال بعض المفسرين : «الضريع» نبت في البحر أخضر منتن مجوف مستطيل له بورقية كثيرة ، وقال ابن عباس : «الضريع» : شجر من نار. وكل من ذكر شيئا مما ذكرناه فإنما يعني أن ذلك من نار ولا بد ، وكل ما في النار فهو نار. وقال قوم : (ضَرِيعٍ) واد في جهنم ، وقال جماعة من المتأولين : «الضريع» طعام أهل النار ولم يرد أن يخصص شيئا مما ذكرناه ، وقال بعض اللغويين : وهذا لا تعرفه العرب ، وقيل : «الضريع» : الجلدة التي على العظم تحت اللحم ، ولا أعرف من تأول الآية بهذا ، وأهل هذه الأقاويل يقولون الزقوم لطائفة ، والضريع لطائفة والغسلين لطائفة ، واختلف في المعنى الذي سمي ضريعا فقيل هو ضريع بمعنى مضرع أي مضعف للبدن مهزل. ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم في ولد جعفر بن أبي طالب : «ما لي أراهما ضارعين»؟ يريد هزيلين ، ومن فعيل بمعنى مفعل قول عمرو بن معد يكرب : [الوافر]
أمن ريحانة الداعي السميع |
|
يؤرقني وأصحابي هجوع |
يريد السمع ، وقيل (ضَرِيعٍ) فعيل من المضارعة ، أي الاشتباه لأنه يشبه المرعى الجيد ويضارعه في الظاهر وليس به. ولما ذكر تعالى وجوه أهل النار ، عقب ذلك بذكره وجوه أهل الجنة ليبين الفرق ، وقوله تعالى : (لِسَعْيِها) يريد لعملها في الدنيا وطاعتها ، والمعنى لثواب سعيها والتنعيم عليه ، ووصف الجنة بالعلو وذلك يصح من جهة المسافة والمكان ومن جهة المكانة والمنزلة أيضا ، وقرأ نافع وحده وابن كثير وأبو عمرو بخلاف عنهما والأعرج وأهل مكة والمدينة «لا تسمع فيها لاغية» أي ذات لغو ، فهي على النسب ، وفسره بعضهم على معنى لا تسمع فيها فئة أو جماعة لاغية ناطقة بسوء. قال أبو عبيدة :