ووهب وابن زيد : معناه : أضرمت نارا كما يسجر التنور ، وقال ابن عباس : جهنم في البحر الأخضر ، ويحتمل أن يكون المعنى ملكت ، وقيد اضطرابها حتى لا تخرج على الأرض بسبب الهول فتكون اللفظة مأخوذة من ساجور الكلب ، وقيل : هذه مجاز في جهنم ، تسجر يوم القيامة وقد تقدم نظير هذه الأقوال منصوصة لأهل العلم في تفسير قوله تعالى : (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) [الطور : ٦]. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو «سجرت» بتخفيف الجيم ، وقرأ الباقون : بشدها ، وهي مترجحة بكون البحار جميعا كما قال (كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً) [الإسراء : ١٣] ، وكما قال : (صُحُفاً مُنَشَّرَةً) [المدثر : ٥٢] ، ومثله (قَصْرٍ مَشِيدٍ) [الحج : ٤٥] و (بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) [النساء : ٧٨] ، لأنها جماعة ، وذهب قوم من الملحدين إلى أن هذه الأشياء المذكورة استعارات في كل ابن آدم وأحواله عند موته ، والشمس نفسه والنجوم عيناه وحواسه ، والعشار ساقاه ، وهذا قول سوء وخيم غث ذاهب إلى إثبات الرموز في كتاب الله تعالى ، و «تزويج النفوس» : هو تنويعها ، لأن الأزواج هي الأنواع والمعنى : جعل الكافر مع الكافر والمؤمن مع المؤمن وكل شكل مع شكله ، رواه النعمان بن بشير عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقاله عمر بن الخطاب وابن عباس ، وقال : هذا نظير قوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) [الواقعة : ٧] وفي الآية على هذا حض على خليل الخبر ، فقد قال عليهالسلام : «المرء مع من أحب» ، وقال : «فلينظر أحدكم من يخالل» ، وقال الله تعالى : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) [الزخرف : ٦٧] ، وقال مقاتل بن سليمان : زوجت نفوس المؤمنين بزوجاتهم من الحور وغيرهن. وقال عكرمة والضحاك والشعبي : زوجت الأرواح الأجساد ، وقرأ عاصم : «زوجت» غير مدغم ، و (الْمَوْؤُدَةُ) : اسم معناه المثقل عليها ، ومنه : (وَلا يَؤُدُهُ) [البقرة : ٢٥٥] ومنه اتأد ، أي توقد ، وأثقل وعرف هذا الاسم في البنات اللواتي كان قوم من العرب يدفنونهن أحياء يحفر الرجل شبه البر أو القبر ثم يسوق ابنته فيلقيها فيها ، وإذا كانت صغيرة جدا خدّ لها في الأرض ودفنها ، وبعضهم : كان يفعل ذلك خشية الإملاق وعدم المال ، وبعضهم : غيرة وكراهية للبنات وجهالة. وقرأ الجمهور : «الموءودة» بالهمز من وأد في حرف ابن مسعود : «وإذا الماودة» ، وقرأ البزي : «الموودة» بضم الواو الأولى وتسهيل الهمزة ، وقرأ الأعمش : «المودة» بسكون الواو على وزن : الفعلة ، وقرأ بعض السلف : «المودّة» بفتح الواو والدال المشددة ، جعل البنت مودة ، وقرأ جمهور الناس : «سئلت» ، وهذا على جهة التوبيخ للعرب الفاعلين ذلك ، لأنها تسأل ليصير الأمر إلى سؤال الفاعل ، ويحتمل أن تكون مسؤولة عنها مطلوبا الجواب منهم. كما قال تعالى : (إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) [الإسراء : ٣٤] ، وكما يسأل التراث والحقوق.
وقرأ ابن عباس وأبيّ بن كعب وجابر بن زيد وأبو الضحى ومجاهد وجماعة كثيرة منهم ابن مسعود والربيع بن خيثم : «سألت» ، ثم اختلف هؤلاء فقرأ أكثرهم : «قتلت» بفتح التاء وسكون اللام ، وقرأ أبو جعفر : «قتّلت» بشد التاء على المبالغة ، وقرأ ابن عباس وجابر وأبو الضحى ومجاهد : «قتلت» بسكون اللام وضم التاء ، وقرأ الأعرج والحسن : «سيلت» بكسر السين وفتح اللام دون همز ، واستدل ابن عباس بهذه الآية في أن أولاد المشركين في الجنة لأن الله تعالى قد انتصر لهم من ظلمهم ، و «الصحف المنشورة» : قيل هي صحف الأعمال تنشر ليقرأ كل امرئ كتابه ، وقيل هي