الحديث «كأنما أنشط من عقال» ، وقال ابن عباس أيضا : (النَّاشِطاتِ) النفوس المؤمنة تنشط عند الموت للخروج ، و «السبح» : العوم في الماء ، وقد يستعمل مجازا في خرق الهواء والتقلب فيه ، واختلف في (السَّابِحاتِ) في الآية ، فقال قتادة والحسن : هي النجوم لأنها تسبح في فلك ، وقال مجاهد وعلي رضي الله عنه : هي الملائكة لأنها تتصرف في الآفاق بأمر الله تجيء وتذهب ، وقال أبو روق : (السَّابِحاتِ) : الشمس والقمر والليل والنهار ، وقال بعض المتأولين : (السَّابِحاتِ) : السماوات ، لأنها كالعائمة في الهواء ، وقال عطاء وجماعة : (السَّابِحاتِ) : الخيل ، ويقال للفرس : سابح ، وقال آخرون : (السَّابِحاتِ) الحيتان ، دواب البحر فما دونها وذلك من عظيم المخلوقات ، فروي أن الله تعالى بث في الدنيا ألف نوع من الحيوان ، منها أربعمائة في البر وستمائة في البحر ، وقال عطاء أيضا : (السَّابِحاتِ) : السفن ، وقال مجاهد أيضا : (السَّابِحاتِ) : المنايا تسبح في نفوس الحيوان. واختلف الناس في «السابقات» ، فقال مجاهد : هي الملائكة ، وقيل الرياح ، وقال عطاء هي الخيل ، وقيل : النجوم ، وقيل المنايا تسبق الآمال ، وقال الشاعر [عدي بن زيد] : [الخفيف]
لا أرى الموت يسبق الموت شيء
وأما «المدبرات» ، فلا أحفظ خلافا أنها الملائكة ومعناه أنها تدبر الأمور التي سخرها الله تعالى وصرفها فيها كالرياح والسحاب وسائر المخلوقات ، وقال ابن زيد : (الرَّاجِفَةُ) : الأرض تهتز بأهلها لنفخة الصور الأولى ، وقيل (الرَّاجِفَةُ) : النفخة نفسها ، و (الرَّادِفَةُ) : النفخة الأخرى ، ويروى أن بينهما أربعين سنة ، وقال عطاء : الراجفة : القيامة نفسها ، و (الرَّادِفَةُ) : البعث ، وقال ابن زيد: (الرَّاجِفَةُ) : الموت ، و (الرَّادِفَةُ) : الساعة. وقال أبي بن كعب : كان النبي صلىاللهعليهوسلم إذا ذهب ربع الليل قام وقال : «يا أيها الناس اذكروا الله ، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه» ، ثم أخبر تعالى عن قلوب تجف ذلك اليوم ، أي ترتعد خوفا وفرقا من العذاب ، ووجيف القلب يكون من الفزع ويكون من الإشفاق ، ومنه قول الشاعر قيس بن الحطيم : [المنسرح]
إن بني جحجما وأسرتهم |
|
أكبادنا من ورائهم تجف |
ورفع (قُلُوبٌ) بالابتداء وجاز ذلك وهي نكرة لأنها قد تخصصت بقوله : (يَوْمَئِذٍ) ، واختلف الناس في جواب القسم أي هو ، فقال الفراء والزجاج : هو محذوف دل الظاهر عليه تقديره : لتبعثن أو لتعاقبن يوم القيامة ، وقال بعض النحاة : هو في قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى) [النازعات : ٢٦] ، وهذا ضعيف لبعد القول ولأن المعنى هالك يستحق ابن ، وقال آخرون : هو في قوله (يَوْمَ) على تقدير حذف اللام كأنه قال ليوم ، وقال آخرون : وهو موجود في جملة قوله تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ) كأنه قال : لتجفن قلوب يوم كذا ، ولما دلت على أصحابها ذكر بعد ذلك أبصارها ، وخشوعها ذلها ، وما يظهر فيها من الهم بالحال ، وقوله تعالى : (يَقُولُونَ) هي حكاية حالهم في الدنيا ، معناه : هم الذين يقولون وقولهم (أَإِنَّا) هو على جهة الاستخفاف والعجب والتكذيب ، وقرأ ابن أبي إسحاق وابن يعمر : «أإنا» بهمزتين ومدة على الاستفهام ، وقرأ جمهور القراء : «أإنا» باستفهام وهمزة