تُكَذِّبانِ (٥٥) فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٥٧)
«من» في قوله تعالى : (وَلِمَنْ) يحتمل أن تقع على جميع المتصفين بالخوف الزاجر عن معاصي الله تعالى ، ويحتمل أن تقع لواحد منهم وبحسب هذا قال بعض الناس في هذه الآية : إن كل خائف له (جَنَّتانِ). وقال بعضهم : جميع الخائفين لهم (جَنَّتانِ). والمقام هو وقوف العبد بين يدي ربه يفسره : (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) [المطففين : ٦] وأضاف المقام إلى الله من حيث هو بين يديه. قال الثعلبي وقيل : (مَقامَ رَبِّهِ) قيامه على العبد ، بيانه : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) [الرعد : ٣٣] وحكى الزهراوي هذا المعنى عن مجاهد. وفي هذه الإضافة تنبيه على صعوبة الموقف وتحريض على الخوف الذي هو أسرع المطايا إلى الله عزوجل. وقال قوم : أراد جنة واحدة ، وثنى على نحو قوله : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) [ق : ٢٤] وقول الحجاج : يا غلام اضربا عنقه.
وقال أبو محمد : هذا ضعيف ، لأن معنى التثنية متوجه فلا وجه للفرار إلى هذه الشاذة ، ويؤيد التثنية قوله : (ذَواتا أَفْنانٍ) وهي تثنية ذات على الأصل. لأن أصل ذات : ذوات.
والأفنان يحتمل أن يكون جمع فنن ، وهو فنن الغصن ، وهذا قول مجاهد ، فكأنه مدحها بظلالها وتكائف أغصانها ويحتمل أن يكون جمع فن ، وهو قول ابن عباس ، فكأنه مدحها بكثرة أنواع فواكهها ونعيمها.
و : (زَوْجانِ) معناه : نوعان. و : (مُتَّكِئِينَ) حال إما من محذوف تقديره يتنعمون (مُتَّكِئِينَ). وإما من قوله : (وَلِمَنْ خافَ). والاتكاء جلسة المتنعم المتمتع.
وقرأ جمهور الناس : «فرش» بضم الراء. وقرأ أبو حيوة : «فرش» بسكون الراء ، وروي في الحديث أنه قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : هذه البطائن (مِنْ إِسْتَبْرَقٍ) فكيف الظواهر؟ قال : «هي من نور يتلألأ».
والإستبرق ما خشن وحسن من الديباج. والسندس : ما رق منه. وقد تقدم القول في لفظة الإستبرق. وقرأ ابن محيصن «من إستبرق» على أنه فعل والألف وصل.
والضمير في قوله : (فِيهِنَ) للفرش ، وقيل للجنات ، إذ الجنتان جنات في المعنى. والجنى ما يجتنى من الثمار ، ووصفه بالدنو ، لأنه فيما روي في الحديث يتناوله المرء على أي حالة كان من قيام أو جلوس أو اضطجاع لأنه يدنو إلى مشتهيه. و : (قاصِراتُ الطَّرْفِ) هي الحور العين ، قصرن ألحاظهن على أزواجهن.
وقرأ أبو عمرو عن الكسائي وحده وطلحة وعيسى وأصحاب علي وابن مسعود : «يطمثهن» بضم الميم. وقرأ جمهور القراء : «يطمثهن» بكسر الميم. والمعنى : لم يفتضهن لأن الطمث دم الفرج ، فيقال