على الآخر. وقال قتادة أيضا والحسن : (لا يَبْغِيانِ) على الناس والعمران. وهذان القولان على أن اللفظة من البغي. وقال بعض المتأولين هي من قولك : بغي إذا طلب ، فمعناه : (لا يَبْغِيانِ) حالا غير حالهما التي خلقا وسخرا لها. وقال ابن عباس وقتادة والضحاك : (اللُّؤْلُؤُ) : كبار الجوهر (وَالْمَرْجانُ) : صغاره. وقال ابن عباس أيضا ومرة الهمداني عكس هذا ، والوصف بالصغر وهو الصواب في (اللُّؤْلُؤُ). وقال ابن مسعود وغيره (الْمَرْجانُ) : حجر أحمر ، وهذا هو الصواب في (الْمَرْجانُ). و (اللُّؤْلُؤُ) : بناء غريب لا يحفظ منه في كلام العرب أكثر من خمسة : اللؤلؤ والجؤجؤ والدؤدؤ واليؤيؤ وهو طائر ، والبؤبؤ وهو الأصل.
واختلف الناس في قوله : (مِنْهُمَا) فقال أبو الحسن الأخفش في كتابه الحجة ، وزعم قوم أنه قد ينفرج (اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) من الملح ومن العذب.
قال القاضي أبو محمد : ورد الناس على هذا القول ، لأن الحس يخالفه ولا يخرج ذلك إلا من الملح وقد رد الناس على الشاعر في قوله : [الطويل]
فجاء بها ما شيت من لطمية |
|
على وجهها ماء الفرات يموج |
وقال جمهور من المتأولين : إنما يخرج ذلك من الأجاج في المواضع التي تقع فيها الأنهار والمياه العذبة ، فلذلك قال : (مِنْهُمَا) وهذا مشهور عند الغواصين. وقال ابن عباس وعكرمة : إنما تتكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر ، لأن الصدف وغيرها تفتح أجوافها للمطر ، فلذلك قال : (مِنْهُمَا) وقال أبو عبيدة ما معناه : إن خروج هذه الأشياء إنما هي من الملح ، لكنه قال : (مِنْهُمَا) تجوزا كما قال الشاعر [عبد الله بن الزبعرى] : [مجزوء الكامل مرفّل]
متقلدا سيفا ورمحا
وكما قال الآخر :
علفتها تبنا وماء باردا.
فمن حيث هما نوع واحد ، فخروج هذه الأشياء إنما هي منهما وإن كانت تختص عند التفصيل المبالغ بأحدهما ، وهذا كما قال تعالى : (سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَ) [نوح : ١٥ ـ ١٦] ، وإنما هو في إحداهن وهي الدنيا إلى الأرض. قال الرماني : العذب فيهما كاللقاح للملح فهو كما يقال : الولد يخرج من الذكر والأنثى.
وقرأ نافع وأبو عمرو وأهل المدينة : «يخرج» بضم الياء وفتح الراء. «اللؤلؤ» رفعا. وقرأ ابن كثير وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي : «يخرج» بفتح الياء وضم الراء على بناء الفعل للفاعل ، وهي قراءة الحسن وأبي جعفر. وقرأ أبو عمرو في رواية حسين الجعفي عنه : «يخرج» بضم الياء وكسر الراء على إسناده إلى الله تعالى ، أي بتمكينه وقدرته ، «اللؤلؤ» نصبا ، ورواها أيضا عنه بالنون مضمومة وكسر الراء.
و : (الْجَوارِ) جمع جارية ، وهي السفن. وقرأ الحسن والنخعي بإثبات الياء. وقرأ الجمهور وأبو جعفر وشيبة بحذفها.
وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر والكسائي : «المنشآت» بفتح الشين أي أنشأها الله والناس.