الغطاء قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا».
وقوله تعالى : (وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ) ، قال جماعة من المفسرين : (قَرِينُهُ) من زبانية جهنم ، أي قال هذا العذاب الذي لدي لهذا الإنسان الكافر حاضر عتيد ، ففي هذا تحريض على الكافر واستعجال به. وقال قتادة وابن زيد : (قَرِينُهُ) الملك الموكل بسوقه ، فكأنه قال : هذا الكافر الذي جعل إلى سوقه ، فهو لدي حاضر. وقال الزهراوي وقيل : (قَرِينُهُ) شيطانه.
قال القاضي أبو محمد : وهذا ضعيف ، وإنما أوقع فيه أن القرين في قوله : (قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ) هو شيطانه في الدنيا ومغويه بلا خلاف.
ولفظ القرين : اسم جنس ، فسائقه قرين ، وصاحبه من الزبانية قرين ، وكاتب سيئاته في الدنيا قرين وتحتمله هذه الآية ، أي هذا الذي أحصيته عليه عتيد لدي ، وهو موجب عذابه ، ومماشي الإنسان في طريقه قرين ، وقال الشاعر [عدي بن زيد العبادي] : [الطويل]
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه |
|
فكل قرين بالمقارن يقتدي |
والقرين الذي في هذه الآية ، غير القرين الذي في قوله : (قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ) إذ المقارنة تكون على أنواع ، وقال بعض العلماء : (قَرِينُهُ) في هذه الآية : عمله قلبا وجازحا ، وقوله عزوجل : (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ) معناه : يقال (أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ). واختلف الناس لم يقال ذلك؟ فقال جماعة من المفسرين : هو قول الملكين من ملائكة العذاب. وقال عبد الرحمن بن زيد في كتاب الزهراوي : هو قول للسائق والشهيد ، وحكى الزهراوي أن المأمور بإلقاء الكافر في النار اثنان ، وعلى هذين القولين لا نظر في قوله : (أَلْقِيا). وقال مجاهد وجماعة من المتأولين : هو قول للقرين : إما السائق ، وإما الذي هو من الزبانية حسبما تقدم واختلف أهل هذه المقالة في معنى قوله : (أَلْقِيا) وهو مخاطبة لواحد ، فقال المبرد معناه : الق الق ، فإنما أراد تثنية الأمر مبالغة وتأكيدا ، فرد التثنية إلى الضمير اختصارا كما قال [امرؤ القيس] :
لفتك الأمين على نابل
يريد ارم ارم. وقال بعض المتأولين : «ألقين» فعوض من النون ألف كما تعوض من التنوين. وقال جماعة من أهل العلم بكلام العرب : هذا جرى على عادة العرب ، وذلك أنها كان الغالب عندها أن تترافق في الأسفار ونحوها ثلاثة ، فكل واحد منهم يخاطب اثنين ، فكثر ذلك في أشعارها وكلامها حتى صار عرفا في المخاطبة ، فاستعمل في الواحد ، ومن هذا قولهم في الأشعار : خليلي ، وصاحبي ، وقفا نبك ونحوه ، وقد جرى المحدثون على هذا الرسم ، فيقول الواحد : حدثنا ، وإن كان سمع وحده ، ونظير هذه الآية في هذا القول قول الزجاج : يا حارسي اضربا عنقه ، وهو دليل على عادة العرب ، ومنه قول الشاعر [سويد بن كراع العكلي] : [الطويل]
فإن تزجراني بابن عفان أنزجر |
|
وإن تدعاني أحم عرضا ممنعا |