قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز [ ج ٥ ]

    المحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز [ ج ٥ ]

    156/549
    *

    الزجاج ، لأنك إذا قلت الجواب : لتبعثن فلا بد بعد ذلك أن يقدر خبر عنه يقع الإضراب ، وهذا الذي جعلناه جوابا وجاء المقدر أخصر. وقال جماعة من المفسرين في قوله : (ق) إنه حرف دال على الكلمة ، على نحو قول الشاعر [الوليد بن المغيرة] : [الرجز]

    قلت لها قفي فقالت قاف

    واختلفوا بعد ، فقال القرطبي : هو دال على أسماء الله تعالى هي : قادر ، وقاهر ، وقريب ، وقاض ، وقابض ، وقيل المعنى : قضي الأمر من رسالتك ونحوه ، (وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) ، فجواب القسم في الكلام الذي يدل عليه قاف. وقال قوم المعنى : قف عند أمرنا. وقيل المعنى : قهر هؤلاء الكفرة ، وهذا أيضا وقع عليه القسم ويحتمل أن يكون المعنى : قيامهم من القبور حق ، (وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) ، فيكون أول السورة من المعنى الذي اطرد بعد ، وعلى هذه الأقوال فثم كلام مضمر عنه وقع الإضراب ، كأنه قال : ما كذبوك ببرهان ، ونحو هذا مما يليق مظهرا.

    وقرأ جمهور من القراء (ق) بسكون الفاء. قال أبو حاتم : ولا يجوز غيرها إلا جواز سوء.

    قال القاضي أبو محمد : وهذه القراءة تحسن مع أن يكون (ق) حرفا دالا على كلمة. وقرأ الثقفي وعيسى : قاف بفتح الفاء ، وهذه تحسن مع القول بأنها اسم للقرآن أو لله تعالى ، وكذلك قرأ الحسن وابن أبي إسحاق بكسر الفاء ، وهي التي في رتبة التي قبلها في أن الحركة للالتقاء وفي أنها اسم للقرآن. و (الْمَجِيدِ) الكريم الأوصاف الكثير الخير.

    واختلف الناس في الضمير في : (عَجِبُوا) لمن هو فقال جمهور المتأولين : هو لجميع الناس مؤمنهم وكافرهم لأن كل مفطور عجب من بعثة بشر رسول الله ، لكن المؤمنون نظروا واهتدوا ، والكافرون بقوا في عمايتهم وصموا وحاجوا بذلك العجب ، ولذلك قال تعالى : (فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ). وقال آخرون بل الضمير في (عَجِبُوا) للكافرين ، وكرر الكلام تأكيدا ومبالغة. والإشارة بهذا يحتمل أن تكون إلى نفس مجيء البشر.

    ويحتمل أن تكون إلى القول الذي يتضمنه الإنذار ، وهو الخبر بالبعث ، ويؤيد هذا القول ما يأتي بعد. وقرأ الأعرج وشيبة وأبو جعفر «إذا» على الخبر دون استفهام ، والعامل (رَجْعٌ بَعِيدٌ) ، قال ابن جني ويحتمل أن يكون المعنى «أإذا متنا بعد رجعنا» ، فيدل : ذلك (رَجْعٌ بَعِيدٌ) على هذا الفعل الذي هو بعد ويحل محل الجواب لقولهم : «إذا». والرجع : مصدر رجعته. وقوله (بَعِيدٌ) في الأوهام والفكر كونه فأخبر الله تعالى ردا على قولهم بأنه يعلم ما تأكل الأرض من ابن آدم وما تبقى منه ، وإن ذلك في الكتاب ، وكذلك يعود في الحشر معلوما ذلك كله.

    و «الحفيظ» : الجامع الذي لم يفته شيء. وقال الرماني : (حَفِيظٌ) متبع أن يذهب ببلى ودروس ، وروي في الخبر الثابت : أن الأرض تأكل ابن آدم إلا عجب الذنب ، وهو عظم كالخردلة ، فمنه يركب ابن آدم ، وحفظ ما تنقص الأرض إنما هو ليعود بعينه يوم القيامة ، وهذا هو «الحق». وذهب بعض الأصوليين إلى أن الأجساد المبعثرة المبعوثة يجوز أن تكون غير هذه ، وهذا عندي خلاف لظاهر كتاب الله ولو كانت