وقال قتادة والطبري : الجواب مقدر قبل بل ، وهذا هو الصحيح ، تقديره : والقرآن ما الأمر كما يزعمون ، ونحو هذا من التقدير فتدبره. وحكى الزجاج عن قوم أن الجواب قوله : (كَمْ أَهْلَكْنا) وهذا متكلف جدا. والعزة هنا : المعازة والمغالبة. والشقاق : نحوه أي هم في شق ، والحق في شق. و : (كَمْ) للتكثير ، وهي خبر فيه مثال ووعيد ، وهي في موضع نصب ب (أَهْلَكْنا). والقرن الأمة من الناس يجمعها زمن أحد ، وقد تقدم تحريره مرارا.
وقوله : (فَنادَوْا) معناه : مستغيثين ، والمعنى أنهم فعلوا ذلك بعد المعاينة فلم ينفع ذلك ، ولم يكن في وقت نفع. (وَلاتَ) بمعنى : ليس ، واسمها مقدر عند سيبويه ، تقديره ولات الحين حين مناص ، وهي : لا (لحقتها : تاء ، كما تقول) ربت وثمت. قال الزجاج : وهي كتاء جلست وقامت ، تاء الحروف كتاء الأفعال دخلت على ما لا يعرب في الوجهين ، ولا تستعمل «لا» مع التاء إلا في الحين والزمان والوقت ونحوه ، فمن ذلك قول الشاعر [محمد بن عيسى بن طلحة] : [الكامل]
لات ساعة مندم
وقال الآخر : [الوافر]
تذكر حب ليلى لات حينا |
|
وأضحى الشيب قد قطع القرينا |
وأنشد بعضهم في هذا المعنى : [الخفيف]
طلبوا صلحنا ولات أوان |
|
فأجبنا أن ليس حين بقاء |
وأنشد الزجاج بكسر التاء ، وهذا كثير ، قراءة الجمهور : فتح التاء من : «لات» والنون من : «حين» وروي عن عيسى كسر التاء من : «لات» ونصب النون. وروي عنه أيضا : «حين» بكسر النون ، واختلفوا في الوقف على : (لاتَ) فذكر الزجاج أن الوقف بالتاء ، ووقف الكسائي بالهاء ، ووقف قوم واختاره أبو عبيد على «لا» ، وجعلوا التاء موصولة ب (حِينَ) ، فقالوا «لا تحين». وذكر أبو عبيد أنها كذلك في مصحف عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ويحتج لهذا بقول أبي وجزة : [الكامل]
العاطفون تحين ما من عاطف |
|
والمطعمون زمان ما من مطعم |
يمدح آل الزبير. وقرأ بعض الناس : «لات حين» برفع النون من : (حِينَ) على إضمار الخبر. والمناص : المفر ، ناص ينوص ، إذا فات وفر ، قال ابن عباس : المعنى ليس بحين نزو ولا فرار ضبط القوم. والضمير في : (عَجِبُوا) لكفار قريش ، واستغربوا أن نبىء بشر منهم فأنذرهم ، وأن وحد إلها ، وقالوا : كيف يكون إله واحد يرزق الجميع وينظر في كل أمرهم؟ و : (عُجابٌ) بناء مبالغة ، كما قالوا سريع وسراع ، وهذا كثير.
وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي وعيسى بن عمر : «عجّاب» بشد الجيم ، ونحوه قول الراجز : [الرجز]
جاؤوا بصيد عجب من العجب |
|
أزيد والعينين طوال الذنب |