يعني السيف ،
وقوله (وَما يُبْدِئُ
الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) ، قالت فرقة : (الْباطِلُ) هو غير (الْحَقُ) من الكذب والكفر ونحوه استعار له الإبداء والإعادة ونفاهما
عنه ، كأنه قال وما يصنع الباطل شيئا ، وقالت فرقة (الْباطِلُ) الشيطان ، والمعنى ما يفعل الشيطان شيئا مفيدا أي ليس يخلق
ولا يرزق ، وقالت فرقة (ما) استفهام كأنه قال وأي شيء يصنع الباطل؟ وقرأ جمهور الناس «ضللت»
بفتح اللام «فإنما أضل» بكسر الضاد ، وقرأ الحسن وابن وثاب «ضللت» بكسر اللام «أضل»
بفتح الضاد وهي لغة بني تميم ، وقوله (فَبِما) يحتمل أن تكون «ما» بمعنى الذي ، ويحتمل أن تكون مصدرية ، و
(قَرِيبٌ) معناه بإحاطته وإجابته وقدرته ، واختلف المتأولون في قوله
تعالى : (وَلَوْ تَرى) الآية ، فقال ابن عباس والضحاك : هذا في عذاب الدنيا ،
وروي أن ابن أبزى قال ذلك في جيش يغزو الكعبة فيخسف بهم في بيداء من الأرض ولا
ينجو إلا رجل من جهينة فيخبر الناس بما نال الجيش قالوا بسببه قيل «وعند جهينة
الخبر اليقين» ، وهذا قول سعيد ، وروي في هذا المعنى حديث مطول عن حذيفة وذكر
الطبري أنه ضعيف السند مكذوب فيه على داود بن الجراح ، وقال قتادة : ذلك في الكفار
عند الموت ، وقال ابن زيد : ذلك في الكفار في بدر ونحوها ، وقال الحسن بن أبي
الحسن : ذلك في الكفار عند خروجهم من القبور في القيامة.
قال الفقيه الإمام
القاضي : وهذا أرجح الأقوال عندي ، وأما معنى الآية فهو التعجيب من حالهم إذا
فزعوا من أخذ الله إياهم ولم يتمكن لهم أن يفوت منهم أحد ، وقوله (مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) معناه أنهم للقدرة قريب حيث كانوا قبل من تحت الأقدام ،
وهذا يتوجه على بعض الأقوال والذي يعم جميعها أن يقال إن الأخذ يجيئهم من قرب في
طمأنينتهم ويعقبها بينا الكافر يؤمل ويظن ويترجى إذ غشيه الأخذ ، ومن غشيه أخذ من
قريب ، فلا حيلة له ولا روية ، وقرأ الجمهور «وأخذوا» ، وقرأ طلحة بن مصرف «فلا
فوت وأخذ» ، كأنه قال وجاء لهم أخذ من مكان قريب.
قوله عزوجل :
(وَقالُوا آمَنَّا
بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٢) وَقَدْ كَفَرُوا
بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٣)
وَحِيلَ
بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ
كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ)
(٥٤)
الضمير في (بِهِ) عائد على الله تعالى ، وقيل على محمد صلىاللهعليهوسلم وشرعه والقرآن ، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم
وعامة القراء «التناوش» بضم الواو دون همز ، وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وعاصم
أيضا «التناؤش» بالهمز ، والأولى معناها التناول من قولهم ناش ينوش إذا تناول «تناوش
القوم في الحرب إذا تناول بعضهم بعضا بالسلاح ، ومنه قول الراجز : [الرجز]
فهي تنوش الحوض
نوشا من علا
|
|
نوشا به تقطع
أجواز الفلا
|
فكأنه قال وأنى
لهم تناول مرادهم وقد بعدوا عن مكان إمكان ذلك ، وأما التناؤش بالهمز فيحتمل أن