شعيب عليهالسلام ، وقاله وهب بن منبه وقال علي رضي الله عنه في كتاب الثعلبي (أَصْحابَ الرَّسِ) قوم عبدوا شجرة صنوبر يقال لها شاه درخت ، رسوا نبيهم في بير حفروه له في حديث طويل ، و (الرَّسِ) في اللغة كل محفور من بير أو قبر أو معدن ومنه قول الشاعر [النابغة الجعدي] : [المتقارب]
سبقت إلى فرط بأهل |
|
تنابلة يحفرون الرساسا |
وروى عكرمة ومحمد بن كعب القرظي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أن أهل الرس المشار إليهم في هذه الآية قوم أخذوا نبيهم فرسوه في بير وأطبقوا عليه صخرة ، قال فكان عبد أسود قد آمن به يجيء بطعام إلى تلك البير فيعينه الله على تلك الصخرة إلى أن ضرب الله يوما على أذن ذلك الأسود بالنوم أربع عشرة سنة وأخرج أهل القرية نبيهم فآمنوا به في حديث طويل ، قال الطبري فيمكن أنهم كفروا به بعد ذلك فذكرهم الله في هذه الآية ، وقوله (وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً) إبهام لا يعلم حقيقته إلا الله عزوجل وقد تقدّم شرح القرن وكم هو ، ومن هذا اللفظ قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما يروى ، ويروى أن ابن عباس قاله ، «كذب النسابون من فوق عدنان لأن الله تعالى أخبر عن كثير من الخلق والأمم ولم يحد» ، ثم قال تعالى إن كل هؤلاء «ضرب له الأمثال» ، ليهتدي فلم يهتد ، «فتبره» الله أي أهلكه ، والتبار الهلاك ومنه تبر الذهب أي المكسر المفتت ، وكذلك يقال لفتات الرخام والزجاج تبر ، وقال ابن جبير إن أصل الكلمة نبطي ولكن العرب قد استعملته.
قوله عزوجل :
(وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَها بَلْ كانُوا لا يَرْجُونَ نُشُوراً (٤٠) وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً (٤١) إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٢) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) (٤٤)
قال ابن عباس وابن جريج والجماعة الإشارة إلى مدينة قوم لوط وهي سدوم بالشام ، و (مَطَرَ السَّوْءِ) حجارة السجيل ، وقرأ أبو السمال «السّوء» بضم السين المشددة ، ثم وقفهم على إعراضهم وتعرضهم لسخط الله بعد رؤيتهم العبرة من تلك القرية ، ثم حكم عليهم أنهم إذا رأوا محمدا صلىاللهعليهوسلم استهزؤوا به واستحقروه وأبعدوا أن يبعثه الله رسولا ، فقالوا على جهة الاستهزاء (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) وفي (بَعَثَ) ضمير يعود على الذي حذف اختصارا وحسن ذلك في الصلة ، ثم أنس النبي صلىاللهعليهوسلم عن كفرهم بقوله (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) الآية ، والمعنى لا تتأسف عليهم ودعهم لرأيهم ولا تحسب أنهم على ما يجب من التحصيل والعقل بل هم كالأنعام في الجهل بالمنافع وقلة التحسس للعواقب ، ثم حكم بأنهم (أَضَلُّ سَبِيلاً) من حيث لهم الفهم وتركوه ، و «الأنعام» لا سبيل لهم